الكاتب : مصطفى الهادي
A worshiper without knowledge is like the mill donkey; it rotates but it does not leave its place.
أحمد القبانجي بين التفاهة والفهاهة .
بعد أن فشلت كل الجهود العسكرية الرامية للقضاء على الإسلام قرر أعداء الإسلام أن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ أولا من تزييف عقيدتهم الراسخة التي تحمل طابع الجهاد والمقاومة والتي تدفع بألوفهم إلى ساحات الاستشهاد في سبيل الدفاع عن الدين والحق وعن الأرض وعن العرض والمال وحتى عن الغير المستضعف، إذن فهذه هي بداية المعركة ولابد إذن من تزييف هذه العقيدة وامتصاص ما فيها من قوة وجهاد وإيمان وذلك بالتفرقة بين العقيدة والشريعة أو تصوير الإسلام على الأقل بصورة دين عبادي كالمسيحية ومن ثم فصل الدين عن الدولة ، حتى يفقد المسلمون ذلك السر الخطير الكامن في أصالة عقيدتهم وجوهر دينهم وعندئذ يصبحون قطيعا من السائمة لا هم لهم إلا بطونهم كما نراه اليوم في الغرب وفي بعض الدول العربية مع الأسف.
كان الاستعمار الغربي بحاجة إلى أن يرسّخ أقدامه بالشرق الذي بدأت تظهر أهميته الخطيرة لما يمتلكه من ثروات وموانئ وأيدي عاملة ماهرة ورخيصة وامتداد جغرافي وتنوع مذهل في الخيرات التي طالما حلم بها الغرب المسيحي ـ أرض تفيض لبنا وعسل ـ ومن هنا عليه أن يخلق ويُهيأ من يساعده على ذلك ، فبدأ أولا بإيفاد مجموعة من خيرة علمائه لكي يعنوا بدراسة الشرق من كافة نواحيه فأطلق على هؤلاء بالمستشرقين وهؤلاء درس وتخرج على أيديهم جيل من الشباب كانوا فيما بعد أداة الاستعمار الضاربة في العالم الشرقي برمته فكانوا خير عون له وقدموا له خدمات جليلة لا يحلم بمثلها أبدا ومن هنا فإن الصيحة التي أطلقها المستشرق الغربي زويمر قد أتت آكلها وأثمرت وذلك في قوله المشهور (( تبشير المسلمين يجب أن يكــون بواسطــة رسول مــن أنفسهم ومـن بــين صفوفــهم لأن الشجرة يجب أن يقطعــها أحد أغصانها)) 1
وهكذا تخرج على أيدي هؤلاء مجموعة كبيرة من شباب المسلمين الزنادقة أمثال : فرح أنطوان ، وشبلي شميل ، وأديب إسحاق ، وجرجي زيدان ، والدكتور صروف ، وسليم عنجوري ، ولطفي السيد ، وسعد زغلول ، وعبد العزيز فهمي ، وطه حسين ، وسلامة موسى ، وعزمي ، وعلي عبد الرزاق ، وإسماعيل مظهر ، وجمال الدين الأفغاني ، والدكتور علي شريعتي ، والدكتور علي الوردي وساطع الحصري . وكثيرون غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين والمحسوبين ظلما عليهم. وقد أوكلت إلى هؤلاء مهمة خطيرة جدا وهي أن يعيدوا كتابة التاريخ الإسلامي على ضوء الرؤية الغربية المسيحية. فأنطلـق جرجـي زيدان فألف (تاريـخ التمدن الإسلامي وتاريـــخ الآداب العربية وتاريخ العرب قبل الإسلام) وأعلن طه حسين وعلي عبد الرزاق دعاوى الفصل بين الإسلام والمجتمع وبين العقيدة الدينية والأدب والسخرية بما أورده القرآن ـ كما يفعل أحمد القبانجي الآن ـ وكما جاء في كتاب الفتنة الكبرى على النحو الذي عاش على خدمته صاحب كتاب الشعر الجاهلي . وحديث الأربعاء . وعلى الرغم مما تحمله هذه الكتب من خطورة بالغة على الفكر الإسلامي فهي لا تزال من المراجع المهمة التي يعتمد عليها الباحثون ، وأساتذة الجامعات.فهي كسابقاتها من كتب الزنادقة أمثال : ابن أبي العوجاء والديصاني .
وعن هؤلاء يقول السيد حسن الأمين : (( هؤلاء الذين يدعون إلى كتابة التاريخ الإسلامي أو العربي من جديد هؤلاء يريدون أن يشوّهوا بعض الحقائق التي وصلت إلينا سليمة . المدعو مثلا حسين مؤنس يدعو لكتابة التاريخ الإسلامي من جديد وهو مزور علني للتاريخ الإسلامي ، وقد رددت عليه بمقالات عنيفة في مجلة العربي فبعض الذين يدعون إلى كتابة التاريخ العربي أو الإسلامي يحاولون تشويه بعض الحقائق التي وصلت إلينا سليمة ، ونحن من دعاة كتابة التاريخ الإسلامي من جديد ولكن كما قلت أهدافنا غير أهدافهم ، أهدافنا أن نُمحي الزيف عن تاريخنا وأن ننشر الحقائق )) 2
فلا عجب من ذلك إذا عرفنا أن الديانات والأفكار الأخرى سماوية كانت أو وضعية ومنذ تأسيسها برز فيها أيضا مردة وأبالسة أهلكوا الحرث والنسل وأبادوا الأخضر واليابس ، فتركوا بصمات سيئة على ديانتهم وانتمائهم الديني أو المذهبي أو السياسي فليس كل الناس قادر على أن يهضم الفكر الذي ينتمي إليه وهناك أهداف وراء هذه الإشكالات والشبهات ، هؤلاء الذين تُشكل عندهم بعض الأمور لا يعمدون إلى مناقشتها مع ذوي الاختصاص والمعرفة بل يستبدون برأيهم ولما كانوا غير قادرين على تنفيذ مخططاتهم وتمرير أفكارهم المريضة على الناس نراهم يستعينون بأعداء ديانتهم أو انتمائهم الفكري والسياسي . فلا ترى ديانة حق أو فكرا سياسيا أو اقتصاديا إلا وله أعداء من خارجه وداخله . وهؤلاء يستعين بعضهم ببعض من أجل هدم وتخريب العقول .فالحرب الفكرية قد لا تقل خطورة عن حروب السلاح لابل أن الحرب الفكرية أمضى من حرب الأسلحة لأنها تعطل إرادة الإنسان وتشل حركته فتتعطل معه الأسلحة فلا يقوى على استخدامها.
فإذا عرفنا ذلك . فلماذا هذا التركيز على أحمد القبانجي وهناك من هو ألعن منه في هذه الأمة ممن سبقوه أو عاصروه شخصيات وأسماء كثيرة ظهرت في سماء العقائد وهي أسماء اكسبها أعداء الفضيلة لمعانا وشهرة وسخروا لها كل وسائل الإعلام للترويج لأفكارها ولكن عجلة التاريخ لا تسمح لأمثال هؤلاء أن يستمروا في مسيرة الهدم والخراب فسرعان ما تسحقهم بعجلات الصحوة التي تعيد الأمة إلى وعيها . وسرعان ما يركن هؤلاء وكتبهم وأعمالهم في مزابل التاريخ .
الشيء الذي نعرفه أننا لا نتوقع يوما أن يكف أعداء الإسلام عن الكيد لنا والوقيعة بنا فإن لهم صبرٌ عجيب في سبيل ذلك . لأن تعاليم السماء الحقة تقف سدا منيعا بوجه أطماعهم وظلمهم لأخيهم الإنسان ، فيمتهنون كرامته ويعتدون على شرفه ويسرقون أمواله وثرواته ويصبونها في جيوب أعداء شعوبهم من أجل بقائهم على كراسي مهزوزة غارقة بالدماء والدموع والآلام .
فعلى طول مسيرة التاريخ عُرف عن هؤلاء المنحرفين الشيء الكثير فهم قتلة الأنبياء والمصلحين وهم من أنجب ودعم الزنادقة والملحدين وروج لأهل الدعارة والمنحرفين، وهم الذين يقفون وراء تحريف أفكار هؤلاء المصلحين وإبعاد المخلصين من العلماء والمفكرين ، وهم وراء كل ما هو مدمر ومخرب وهم وراء كل مصائب الدنيا . ولكن هذا التاريخ نفسه يخبرنا بأن هناك صحوات وانتفاضات قامت بها الجماهير صححت المسيرة واعادة الناس إلى السير في الاتجاه الصحيح . وليس ببعيد عنا ما قام به الشعب التونسي من انتفاضة لكرامته فهز كرسي ذلك العميل ففر هاربا لا يلوي على شيء والتجأ إلى أمثاله . فمن مخازي التاريخ أن هذا الزعيم الفار ـ زين العابدين بن علي ـ لم يجد ملجأ يأويه عند كل الذين خدمهم وبقيت طائرته تحوم في سماء الدول الأوربية ساعات طويلة ، فرفضه الجميع حتى الدول العربية وقبلته السعودية على مضض . لأنها تخشى أن يفجر ذلك ارداة شعبها فيطيح بها . وهكذا هو مصير هؤلاء دائما ينتهي إلى حفرة منسية من حفر التاريخ فيذهبوا وتبقى اللعنات تلاحقهم مدى التاريخ .
تتمة القسم الأول ؟
أحمد القبانجي أحد هؤلاء على مستوى الفكر والعقيدة ، فلكل من هؤلاء دور يؤديه في السياسة أو الاقتصاد او الدين والعقيدة فكما أن ربطة العنق والسروال لا تعني شيئا بالنسبة إلى شخصية الإنسان ، كذلك فإن هناك عمائم وطيالس لا تمثل إلا المحتوى الذي يقبع تحتها . وكما قال المثل : لا تنظر إلى العمامة بل انظر إلى من في العمامة .
فأحمد القبانجي أحد المتمردين الذين تبلبلت عقولهم لأنهم لم يهضموا ما قرأوه فخرج منهم نتنا يثير القرف والاشمئزاز لدى ابسط الناس. فسخريته من القرآن بشكل فج وبطريقة رخيصة ليست علمية، تدل على أن هذا الشخص غير سوي ، وأن مكانه هو المصح العقلي . لقد تابعته كثيرا لعلي أجد عنده شيئا جديا جديدا ولكن مع الأسف كلما أمعنت في الاستماع له عرفت مقدار تفاهة هذا الرجل .
أتذكر يوما أني ناقشت هنديا حول كتابه (( شرع منّو أو منّو سمرتي )) فقلت له : لماذا تكون عقوبة الزاني عندكم بهذا البشاعة ؟ حيث أن على الزاني أن يختار واحد من ثلاث عقوبات لكي يغفر له الإله .
العقوبة الأولى : أن ينام على سرير حديدي تحته نيران موقدة تجعله آتونا مشتعلا إلى أن يموت .
العقوبة الثانية : أن يعانق تمثالا من نحاس محمي حد الاحمرار ولا يتركه إلى أن يموت .
العقوبة الثالثة : أن يقتلع الزاني ذكره وخصيتيه من الأساس ويحملهما بكلتا يديه ويركض نحو المشرق حتى يسقط ميتا فيتوب الإله عليه .
وأما عقوبة الزانية : فتلقى إلى كلاب شرسة تم إجاعتها لعدة أيام فتقطعها إربا وهذا هو التكفير الوحيد عن ذنبها.
ولكن هذا الهندي على الرغم من علمه ببشاعة هذه الأحكام . انتفض وأبى أن يمس أحد كتابه المقدس . ثم قال لي : انظر ، أن بقاء الدنيا بمقدساتها فإذا أهينت المقدسات فعلى الدنيا السلام . وإهانة المقدسات يبدء من الطعن ، وعدم السؤال .
ثم لماذا لا نرى في جلسات أحمد القبانجي إلا شذاذ الآفاق وسفلتهم من شيوعيين وقومجيين ويهود ومسيحيين وأضرابهم ممن لا يعرف الناقة من الجمل . والأنكى من ذلك أرى بين الحضور بعض السلفيين والوهابية المتشددين هؤلاء يسكتون عن إهانة القرآن بهذه الصورة التي تحدث أمامهم وخصوصا عندما يصف أحمد القبانجي القرآن بأنه (تافه لا نفع فيه وأن ما جاء في بعض خطب نهج البلاغة أفضل منه) . ولكننا نراهم يثورون عندما يذكر أحد واقعة الجمل مثلا ويأتي على ذكر دور عائشة فيها مع أن ذلك تاريخا مكتوب نراه أمامنا ويقرأه الجميع ولكنهم سيرمون من يقوم بذلك بالخروج من الدين والكفر ويبيحون دمه .
ولكن في قضية سيد أحمد القبانجي وإهانته للقرآن العظيم يأتي سكوتهم لأن المتكلم رجل دين شيعي وهذا وحده كاف لإدانة المذهب الشيعي حتى ولو على حساب أقدس الأشياء عندهم . وكأن المذهب الشيعي يقبع تحت جبة أحمد القبانجي.
فعلى سبيل المثال فإن أحمد القبانجي وأمام مجموعة من الرعاع يقوم بمقارنة بين نهج البلاغة والقرآن ولكنه لا يستشهد أبدا بالخطب التي يصف فيها علي عليه السلام القرآن وبلاغته وإعجازه وفصاحته ومكنون علمه وما انطوى عليه من ظاهر وباطن ومحكم ومتشابه وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به.
رجل لا يستحق الرد. وخصوصا فيما يتعلق بنقده وانتقاده للقرآن وشتمه وتسفيهه بطريقة فجة وإعراضه عن النصوص التي جاءت بحق القرآن من النبي وعلي وبنيه أوعلى لسان جمهور الصحابة ممن عُرف بالبلاغة والفصاحة لا بل وحتى على لسان المشركين وعتاتهم أمثال الوليد بن المغيرة الذي كان شيخا مجربا فصيحا عارفا بالأدب والبلاغة وهو الذي استعانت به قريش لتقييم القرآن ( 3) فجاء تقييمه في غاية البلاغة والتنزيه للقرآن العظيم على الرغم من كرهه لمحمد وكتابه الذي جاء به.
اضطر هنا لإيراد بعض ما جاء على لسان الرسول ص وعلى لسان علي عليه السلام وأبناءه من بعده بحق هذا الكتاب العظيم لكي تتضح الحقائق لمن يستمع للهابط أحمد القبانجي الذي تجافى عن الحقيقة لأسباب يعلمها خالقه ـ وإن بان بعضها من خلال كلامه ـ . فأرجو من القارئ الكريم أن يقرأ ما جاء على لسان من يستشهد القبانجي ببلاغتهم ويصفهم بأن كلامهم أفضل من القرآن ولكنه يعرض عن قولهم وخطبهم بحق القرآن . اقرأ فإنك لن تخسر شيئا ولربما سوف تقرأ شيئا لم تسمع به من قبل بحق القرآن ورد على لسان اطهر الخلق بعد رسول الله ص من صحابة وأئمة كرام . هذا القرآن الذي لم يكتب محمد عليه اسمه بل قال من البداية إنه من الله تعالى .
اقرأ لكي تتضح لك معالم الأساس الذي سوف يُشيد أحمد القبانجي بناءه عليه بمثل هذه الأفكار وبمثل هذه الحثالات يؤسس أحمد القبانجي لدين جديد خالي من التعقيد على حد زعمه. دين يصف فيه أحمد القبانجي فردوسه بأنه ((حضيرة أغنام ))
تتمة القسم الثاني
ما قيل في القرآن .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "القرآن هدى من الضلال وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجلاً أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يعذب الله قلباً وعى القرآن
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان القرآن حديثه والمسجد بيته بنى الله له بيتا في الجنة.
وجاء أبوذر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إني أخاف أن أتعلم القرآن ولا أعمل به ،فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يعذب الله قلباً أسكنه القرآن.
وذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الفتنة يوماً فقلنا: يا رسول الله كيف الخلاص منها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بكتاب الله، فيه نبأ من كان قبلكم، ونبأ من كان بعدكم، وحكم ما كان بينكم، وهو الفصل وليس بالهزل، ما تركه جبار إلاّ قصم الله ظهره، ومن طلب الهداية بغير القرآن ضل، وهو الحبل المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم، وهو الذي لا تلبس على الألسن، ولا يخلق من كثرة القراءة، ولا تشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هبط عليّ جبرائيل فقال: يا محمد إن لكل شيء سيداً، وسيد الكلام العربية، وسيد العربية القرآن.
وعن معاذ بن جبل قال: "كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر فقلت: يا رسول الله حدثنا بما لنا فيه نفع، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن، فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): القرآن أفضل كل شيء دون الله، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله، ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله، حرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا ينبغي لحامل القرآن أن يظن إن أحداً أعطى افضل مما أعطي، لأنه لو ملك الدنيا بأسرها لكان القرآن أفضل مما ملكه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام وفاته - فيما أوصى به إلى أصحابه: كتاب الله وأهل بيتي، فان الكتاب هو القرآن، وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله غض جديد، طري شاهد، وحكم عادل، قائد بحلاله وحرامه وأحكامه، بصير به، قاض به، مضموم فيه، يقوم غداً، فيحاج به أقواماً، فتزل أقدامهم عن الصراط.
وعن أبي ذر في حديث قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: النظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في الصحيفة يعني صحيفة القرآن عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة.
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في صفة القرآن: ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقده، وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضل نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوءه، وفرقاناً لا يخمد برهانه، وتبياناً لا تهدم أركانه، وشفاء لا تخشى أسقامه، وعزاً لا تهزم أنصاره، وحقاً لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافي الإسلام وبنيانه، وأودية الحق وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لايغيضها الواردون، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون، وأعلام لايعمى عنها السائرون، وآكام لا يجوز عنها القاصدون، جعله الله رياً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاج لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة، وحبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته، وعزاً لمن تولاه، وسلماً لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وعذراً لمن انتحله، وبرهانا لمن تكلم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاج به، وحاملاً لمن حمله، ومطية لمن أعمله، وآية لمن توسم، وجنة لمن استلام، وعلماً لمن وعى، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى.
وقال (عليه السلام): إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لاتفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به.
وقال (عليه السلام): إن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل القرآن، فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلوب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره.
وقال (عليه السلام): إن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، ونقصان من عمى، واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لاوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والعمى والضلال، اسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توحد العباد إلى الله بمثله، واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادي مناد يوم القيامة، ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن، فكونوا من حرثته وأتباعه، و استدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آرائكم، واستغشوا فيه أهواءكم.
وعن علي بن الحسين (عليه السلام): آيات القرآن خزائن، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.
وقال (عليه السلام): لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا أخبركم بالفقيه حقا؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه.
وقال (عليه السلام): يجئ القرآن يوم القيامة في احسن منظور إليه صورة، فيمر بالمسلمين، فيقولون: هذا الرجل منا، فيجاوزهم إلى النبيين، فيقولون: هو منا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين، فيقولون: هو منا، حتى ينتهي إلى رب العزة عزوجل، فيقول: يا رب فلان بن فلان أظمأت هواجره، وأسهرت ليله في دار الدنيا، وفلان بن فلان لم أظمأ هواجره، ولم أسهر ليله، فيقول تبارك وتعالى: أدخلهم الجنة على منازلهم، فيقوم، فيتبعونه، فيقول: للمؤمن اقرأ وارقه، فيقرأ ويرقى، حتى يبلغ كل رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها.
وعنه (عليه السلام) أنه قال: تعلموا القرآن، فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة، نظر إليه الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف، ثمانون ألف صف أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأربعون ألف صف من سائر الأمم، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل، فيسلم، فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم، إن هذا الرجل من المسلمين، نعرفه بنعته وصفته، غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن، فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء، فينظر إليه الشهداء، فيقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم، إن هذا الرجل من الشهداء، نعرفه بسمته وصفته، غير أنه من شهداء البحر، فمن هناك أعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه، قال: فيجاوز حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد، فينظر إليه شهداء البحر، فيكثر تعجبهم، ويقولون: إن هذا من شهداء البحر، نعرفه بسمته وصفته، غير أن الجزيرة التي أصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها، فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين، في صورة نبي مرسل، فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم، ويقولون: لا إله إلا الله العظيم الكريم، إن هذا النبي مرسل، نعرفه بصفته وسمته، غير أنه أعطي فضلا كثيرا،" قال: "فيجتمعون، فيأتون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيسألونه، ويقولون: يا محمد من هذا؟ فيقول: أو ما تعرفونه؟ فيقولون: ما نعرفه؟ هذا ممن لم يغضب الله عليه، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا حجة الله على خلقه، فيسلم، ثم يجاوز، حتى يأتي صف الملائكة في صورة ملك مقرب، فينظر إليه الملائكة، فيشتد تعجبهم، ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله، ويقولون تعالى ربنا وتقدس، إن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته، غير أنه كان أقرب الملائكة من الله عزوجل مقاما من هناك ألبس من النور والجمال.
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: اعلموا أن القرآن هدى الليل والنهار، ونور الليل المظلم، على ما كان من جهد وفاقة.
وقال (عليه السلام): إن هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
إن رجلاً سأل أبا عبد الله (عليه السلام) وقال: ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة؟" فقال (عليه السلام): "إن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.
A worshiper without knowledge is like the mill donkey; it rotates but it does not leave its place.
أحمد القبانجي بين التفاهة والفهاهة .
بعد أن فشلت كل الجهود العسكرية الرامية للقضاء على الإسلام قرر أعداء الإسلام أن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ أولا من تزييف عقيدتهم الراسخة التي تحمل طابع الجهاد والمقاومة والتي تدفع بألوفهم إلى ساحات الاستشهاد في سبيل الدفاع عن الدين والحق وعن الأرض وعن العرض والمال وحتى عن الغير المستضعف، إذن فهذه هي بداية المعركة ولابد إذن من تزييف هذه العقيدة وامتصاص ما فيها من قوة وجهاد وإيمان وذلك بالتفرقة بين العقيدة والشريعة أو تصوير الإسلام على الأقل بصورة دين عبادي كالمسيحية ومن ثم فصل الدين عن الدولة ، حتى يفقد المسلمون ذلك السر الخطير الكامن في أصالة عقيدتهم وجوهر دينهم وعندئذ يصبحون قطيعا من السائمة لا هم لهم إلا بطونهم كما نراه اليوم في الغرب وفي بعض الدول العربية مع الأسف.
كان الاستعمار الغربي بحاجة إلى أن يرسّخ أقدامه بالشرق الذي بدأت تظهر أهميته الخطيرة لما يمتلكه من ثروات وموانئ وأيدي عاملة ماهرة ورخيصة وامتداد جغرافي وتنوع مذهل في الخيرات التي طالما حلم بها الغرب المسيحي ـ أرض تفيض لبنا وعسل ـ ومن هنا عليه أن يخلق ويُهيأ من يساعده على ذلك ، فبدأ أولا بإيفاد مجموعة من خيرة علمائه لكي يعنوا بدراسة الشرق من كافة نواحيه فأطلق على هؤلاء بالمستشرقين وهؤلاء درس وتخرج على أيديهم جيل من الشباب كانوا فيما بعد أداة الاستعمار الضاربة في العالم الشرقي برمته فكانوا خير عون له وقدموا له خدمات جليلة لا يحلم بمثلها أبدا ومن هنا فإن الصيحة التي أطلقها المستشرق الغربي زويمر قد أتت آكلها وأثمرت وذلك في قوله المشهور (( تبشير المسلمين يجب أن يكــون بواسطــة رسول مــن أنفسهم ومـن بــين صفوفــهم لأن الشجرة يجب أن يقطعــها أحد أغصانها)) 1
وهكذا تخرج على أيدي هؤلاء مجموعة كبيرة من شباب المسلمين الزنادقة أمثال : فرح أنطوان ، وشبلي شميل ، وأديب إسحاق ، وجرجي زيدان ، والدكتور صروف ، وسليم عنجوري ، ولطفي السيد ، وسعد زغلول ، وعبد العزيز فهمي ، وطه حسين ، وسلامة موسى ، وعزمي ، وعلي عبد الرزاق ، وإسماعيل مظهر ، وجمال الدين الأفغاني ، والدكتور علي شريعتي ، والدكتور علي الوردي وساطع الحصري . وكثيرون غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين والمحسوبين ظلما عليهم. وقد أوكلت إلى هؤلاء مهمة خطيرة جدا وهي أن يعيدوا كتابة التاريخ الإسلامي على ضوء الرؤية الغربية المسيحية. فأنطلـق جرجـي زيدان فألف (تاريـخ التمدن الإسلامي وتاريـــخ الآداب العربية وتاريخ العرب قبل الإسلام) وأعلن طه حسين وعلي عبد الرزاق دعاوى الفصل بين الإسلام والمجتمع وبين العقيدة الدينية والأدب والسخرية بما أورده القرآن ـ كما يفعل أحمد القبانجي الآن ـ وكما جاء في كتاب الفتنة الكبرى على النحو الذي عاش على خدمته صاحب كتاب الشعر الجاهلي . وحديث الأربعاء . وعلى الرغم مما تحمله هذه الكتب من خطورة بالغة على الفكر الإسلامي فهي لا تزال من المراجع المهمة التي يعتمد عليها الباحثون ، وأساتذة الجامعات.فهي كسابقاتها من كتب الزنادقة أمثال : ابن أبي العوجاء والديصاني .
وعن هؤلاء يقول السيد حسن الأمين : (( هؤلاء الذين يدعون إلى كتابة التاريخ الإسلامي أو العربي من جديد هؤلاء يريدون أن يشوّهوا بعض الحقائق التي وصلت إلينا سليمة . المدعو مثلا حسين مؤنس يدعو لكتابة التاريخ الإسلامي من جديد وهو مزور علني للتاريخ الإسلامي ، وقد رددت عليه بمقالات عنيفة في مجلة العربي فبعض الذين يدعون إلى كتابة التاريخ العربي أو الإسلامي يحاولون تشويه بعض الحقائق التي وصلت إلينا سليمة ، ونحن من دعاة كتابة التاريخ الإسلامي من جديد ولكن كما قلت أهدافنا غير أهدافهم ، أهدافنا أن نُمحي الزيف عن تاريخنا وأن ننشر الحقائق )) 2
فلا عجب من ذلك إذا عرفنا أن الديانات والأفكار الأخرى سماوية كانت أو وضعية ومنذ تأسيسها برز فيها أيضا مردة وأبالسة أهلكوا الحرث والنسل وأبادوا الأخضر واليابس ، فتركوا بصمات سيئة على ديانتهم وانتمائهم الديني أو المذهبي أو السياسي فليس كل الناس قادر على أن يهضم الفكر الذي ينتمي إليه وهناك أهداف وراء هذه الإشكالات والشبهات ، هؤلاء الذين تُشكل عندهم بعض الأمور لا يعمدون إلى مناقشتها مع ذوي الاختصاص والمعرفة بل يستبدون برأيهم ولما كانوا غير قادرين على تنفيذ مخططاتهم وتمرير أفكارهم المريضة على الناس نراهم يستعينون بأعداء ديانتهم أو انتمائهم الفكري والسياسي . فلا ترى ديانة حق أو فكرا سياسيا أو اقتصاديا إلا وله أعداء من خارجه وداخله . وهؤلاء يستعين بعضهم ببعض من أجل هدم وتخريب العقول .فالحرب الفكرية قد لا تقل خطورة عن حروب السلاح لابل أن الحرب الفكرية أمضى من حرب الأسلحة لأنها تعطل إرادة الإنسان وتشل حركته فتتعطل معه الأسلحة فلا يقوى على استخدامها.
فإذا عرفنا ذلك . فلماذا هذا التركيز على أحمد القبانجي وهناك من هو ألعن منه في هذه الأمة ممن سبقوه أو عاصروه شخصيات وأسماء كثيرة ظهرت في سماء العقائد وهي أسماء اكسبها أعداء الفضيلة لمعانا وشهرة وسخروا لها كل وسائل الإعلام للترويج لأفكارها ولكن عجلة التاريخ لا تسمح لأمثال هؤلاء أن يستمروا في مسيرة الهدم والخراب فسرعان ما تسحقهم بعجلات الصحوة التي تعيد الأمة إلى وعيها . وسرعان ما يركن هؤلاء وكتبهم وأعمالهم في مزابل التاريخ .
الشيء الذي نعرفه أننا لا نتوقع يوما أن يكف أعداء الإسلام عن الكيد لنا والوقيعة بنا فإن لهم صبرٌ عجيب في سبيل ذلك . لأن تعاليم السماء الحقة تقف سدا منيعا بوجه أطماعهم وظلمهم لأخيهم الإنسان ، فيمتهنون كرامته ويعتدون على شرفه ويسرقون أمواله وثرواته ويصبونها في جيوب أعداء شعوبهم من أجل بقائهم على كراسي مهزوزة غارقة بالدماء والدموع والآلام .
فعلى طول مسيرة التاريخ عُرف عن هؤلاء المنحرفين الشيء الكثير فهم قتلة الأنبياء والمصلحين وهم من أنجب ودعم الزنادقة والملحدين وروج لأهل الدعارة والمنحرفين، وهم الذين يقفون وراء تحريف أفكار هؤلاء المصلحين وإبعاد المخلصين من العلماء والمفكرين ، وهم وراء كل ما هو مدمر ومخرب وهم وراء كل مصائب الدنيا . ولكن هذا التاريخ نفسه يخبرنا بأن هناك صحوات وانتفاضات قامت بها الجماهير صححت المسيرة واعادة الناس إلى السير في الاتجاه الصحيح . وليس ببعيد عنا ما قام به الشعب التونسي من انتفاضة لكرامته فهز كرسي ذلك العميل ففر هاربا لا يلوي على شيء والتجأ إلى أمثاله . فمن مخازي التاريخ أن هذا الزعيم الفار ـ زين العابدين بن علي ـ لم يجد ملجأ يأويه عند كل الذين خدمهم وبقيت طائرته تحوم في سماء الدول الأوربية ساعات طويلة ، فرفضه الجميع حتى الدول العربية وقبلته السعودية على مضض . لأنها تخشى أن يفجر ذلك ارداة شعبها فيطيح بها . وهكذا هو مصير هؤلاء دائما ينتهي إلى حفرة منسية من حفر التاريخ فيذهبوا وتبقى اللعنات تلاحقهم مدى التاريخ .
تتمة القسم الأول ؟
أحمد القبانجي أحد هؤلاء على مستوى الفكر والعقيدة ، فلكل من هؤلاء دور يؤديه في السياسة أو الاقتصاد او الدين والعقيدة فكما أن ربطة العنق والسروال لا تعني شيئا بالنسبة إلى شخصية الإنسان ، كذلك فإن هناك عمائم وطيالس لا تمثل إلا المحتوى الذي يقبع تحتها . وكما قال المثل : لا تنظر إلى العمامة بل انظر إلى من في العمامة .
فأحمد القبانجي أحد المتمردين الذين تبلبلت عقولهم لأنهم لم يهضموا ما قرأوه فخرج منهم نتنا يثير القرف والاشمئزاز لدى ابسط الناس. فسخريته من القرآن بشكل فج وبطريقة رخيصة ليست علمية، تدل على أن هذا الشخص غير سوي ، وأن مكانه هو المصح العقلي . لقد تابعته كثيرا لعلي أجد عنده شيئا جديا جديدا ولكن مع الأسف كلما أمعنت في الاستماع له عرفت مقدار تفاهة هذا الرجل .
أتذكر يوما أني ناقشت هنديا حول كتابه (( شرع منّو أو منّو سمرتي )) فقلت له : لماذا تكون عقوبة الزاني عندكم بهذا البشاعة ؟ حيث أن على الزاني أن يختار واحد من ثلاث عقوبات لكي يغفر له الإله .
العقوبة الأولى : أن ينام على سرير حديدي تحته نيران موقدة تجعله آتونا مشتعلا إلى أن يموت .
العقوبة الثانية : أن يعانق تمثالا من نحاس محمي حد الاحمرار ولا يتركه إلى أن يموت .
العقوبة الثالثة : أن يقتلع الزاني ذكره وخصيتيه من الأساس ويحملهما بكلتا يديه ويركض نحو المشرق حتى يسقط ميتا فيتوب الإله عليه .
وأما عقوبة الزانية : فتلقى إلى كلاب شرسة تم إجاعتها لعدة أيام فتقطعها إربا وهذا هو التكفير الوحيد عن ذنبها.
ولكن هذا الهندي على الرغم من علمه ببشاعة هذه الأحكام . انتفض وأبى أن يمس أحد كتابه المقدس . ثم قال لي : انظر ، أن بقاء الدنيا بمقدساتها فإذا أهينت المقدسات فعلى الدنيا السلام . وإهانة المقدسات يبدء من الطعن ، وعدم السؤال .
ثم لماذا لا نرى في جلسات أحمد القبانجي إلا شذاذ الآفاق وسفلتهم من شيوعيين وقومجيين ويهود ومسيحيين وأضرابهم ممن لا يعرف الناقة من الجمل . والأنكى من ذلك أرى بين الحضور بعض السلفيين والوهابية المتشددين هؤلاء يسكتون عن إهانة القرآن بهذه الصورة التي تحدث أمامهم وخصوصا عندما يصف أحمد القبانجي القرآن بأنه (تافه لا نفع فيه وأن ما جاء في بعض خطب نهج البلاغة أفضل منه) . ولكننا نراهم يثورون عندما يذكر أحد واقعة الجمل مثلا ويأتي على ذكر دور عائشة فيها مع أن ذلك تاريخا مكتوب نراه أمامنا ويقرأه الجميع ولكنهم سيرمون من يقوم بذلك بالخروج من الدين والكفر ويبيحون دمه .
ولكن في قضية سيد أحمد القبانجي وإهانته للقرآن العظيم يأتي سكوتهم لأن المتكلم رجل دين شيعي وهذا وحده كاف لإدانة المذهب الشيعي حتى ولو على حساب أقدس الأشياء عندهم . وكأن المذهب الشيعي يقبع تحت جبة أحمد القبانجي.
فعلى سبيل المثال فإن أحمد القبانجي وأمام مجموعة من الرعاع يقوم بمقارنة بين نهج البلاغة والقرآن ولكنه لا يستشهد أبدا بالخطب التي يصف فيها علي عليه السلام القرآن وبلاغته وإعجازه وفصاحته ومكنون علمه وما انطوى عليه من ظاهر وباطن ومحكم ومتشابه وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به.
رجل لا يستحق الرد. وخصوصا فيما يتعلق بنقده وانتقاده للقرآن وشتمه وتسفيهه بطريقة فجة وإعراضه عن النصوص التي جاءت بحق القرآن من النبي وعلي وبنيه أوعلى لسان جمهور الصحابة ممن عُرف بالبلاغة والفصاحة لا بل وحتى على لسان المشركين وعتاتهم أمثال الوليد بن المغيرة الذي كان شيخا مجربا فصيحا عارفا بالأدب والبلاغة وهو الذي استعانت به قريش لتقييم القرآن ( 3) فجاء تقييمه في غاية البلاغة والتنزيه للقرآن العظيم على الرغم من كرهه لمحمد وكتابه الذي جاء به.
اضطر هنا لإيراد بعض ما جاء على لسان الرسول ص وعلى لسان علي عليه السلام وأبناءه من بعده بحق هذا الكتاب العظيم لكي تتضح الحقائق لمن يستمع للهابط أحمد القبانجي الذي تجافى عن الحقيقة لأسباب يعلمها خالقه ـ وإن بان بعضها من خلال كلامه ـ . فأرجو من القارئ الكريم أن يقرأ ما جاء على لسان من يستشهد القبانجي ببلاغتهم ويصفهم بأن كلامهم أفضل من القرآن ولكنه يعرض عن قولهم وخطبهم بحق القرآن . اقرأ فإنك لن تخسر شيئا ولربما سوف تقرأ شيئا لم تسمع به من قبل بحق القرآن ورد على لسان اطهر الخلق بعد رسول الله ص من صحابة وأئمة كرام . هذا القرآن الذي لم يكتب محمد عليه اسمه بل قال من البداية إنه من الله تعالى .
اقرأ لكي تتضح لك معالم الأساس الذي سوف يُشيد أحمد القبانجي بناءه عليه بمثل هذه الأفكار وبمثل هذه الحثالات يؤسس أحمد القبانجي لدين جديد خالي من التعقيد على حد زعمه. دين يصف فيه أحمد القبانجي فردوسه بأنه ((حضيرة أغنام ))
تتمة القسم الثاني
ما قيل في القرآن .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "القرآن هدى من الضلال وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجلاً أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يعذب الله قلباً وعى القرآن
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان القرآن حديثه والمسجد بيته بنى الله له بيتا في الجنة.
وجاء أبوذر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إني أخاف أن أتعلم القرآن ولا أعمل به ،فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يعذب الله قلباً أسكنه القرآن.
وذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الفتنة يوماً فقلنا: يا رسول الله كيف الخلاص منها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بكتاب الله، فيه نبأ من كان قبلكم، ونبأ من كان بعدكم، وحكم ما كان بينكم، وهو الفصل وليس بالهزل، ما تركه جبار إلاّ قصم الله ظهره، ومن طلب الهداية بغير القرآن ضل، وهو الحبل المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم، وهو الذي لا تلبس على الألسن، ولا يخلق من كثرة القراءة، ولا تشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هبط عليّ جبرائيل فقال: يا محمد إن لكل شيء سيداً، وسيد الكلام العربية، وسيد العربية القرآن.
وعن معاذ بن جبل قال: "كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر فقلت: يا رسول الله حدثنا بما لنا فيه نفع، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن، فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): القرآن أفضل كل شيء دون الله، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله، ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله، حرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا ينبغي لحامل القرآن أن يظن إن أحداً أعطى افضل مما أعطي، لأنه لو ملك الدنيا بأسرها لكان القرآن أفضل مما ملكه.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام وفاته - فيما أوصى به إلى أصحابه: كتاب الله وأهل بيتي، فان الكتاب هو القرآن، وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله غض جديد، طري شاهد، وحكم عادل، قائد بحلاله وحرامه وأحكامه، بصير به، قاض به، مضموم فيه، يقوم غداً، فيحاج به أقواماً، فتزل أقدامهم عن الصراط.
وعن أبي ذر في حديث قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: النظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في الصحيفة يعني صحيفة القرآن عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة.
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في صفة القرآن: ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقده، وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضل نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوءه، وفرقاناً لا يخمد برهانه، وتبياناً لا تهدم أركانه، وشفاء لا تخشى أسقامه، وعزاً لا تهزم أنصاره، وحقاً لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافي الإسلام وبنيانه، وأودية الحق وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لايغيضها الواردون، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون، وأعلام لايعمى عنها السائرون، وآكام لا يجوز عنها القاصدون، جعله الله رياً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاج لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة، وحبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته، وعزاً لمن تولاه، وسلماً لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وعذراً لمن انتحله، وبرهانا لمن تكلم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاج به، وحاملاً لمن حمله، ومطية لمن أعمله، وآية لمن توسم، وجنة لمن استلام، وعلماً لمن وعى، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى.
وقال (عليه السلام): إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لاتفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به.
وقال (عليه السلام): إن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل القرآن، فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلوب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره.
وقال (عليه السلام): إن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، ونقصان من عمى، واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لاوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والعمى والضلال، اسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توحد العباد إلى الله بمثله، واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادي مناد يوم القيامة، ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن، فكونوا من حرثته وأتباعه، و استدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آرائكم، واستغشوا فيه أهواءكم.
وعن علي بن الحسين (عليه السلام): آيات القرآن خزائن، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.
وقال (عليه السلام): لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا أخبركم بالفقيه حقا؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه.
وقال (عليه السلام): يجئ القرآن يوم القيامة في احسن منظور إليه صورة، فيمر بالمسلمين، فيقولون: هذا الرجل منا، فيجاوزهم إلى النبيين، فيقولون: هو منا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين، فيقولون: هو منا، حتى ينتهي إلى رب العزة عزوجل، فيقول: يا رب فلان بن فلان أظمأت هواجره، وأسهرت ليله في دار الدنيا، وفلان بن فلان لم أظمأ هواجره، ولم أسهر ليله، فيقول تبارك وتعالى: أدخلهم الجنة على منازلهم، فيقوم، فيتبعونه، فيقول: للمؤمن اقرأ وارقه، فيقرأ ويرقى، حتى يبلغ كل رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها.
وعنه (عليه السلام) أنه قال: تعلموا القرآن، فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة، نظر إليه الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف، ثمانون ألف صف أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأربعون ألف صف من سائر الأمم، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل، فيسلم، فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم، إن هذا الرجل من المسلمين، نعرفه بنعته وصفته، غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن، فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء، فينظر إليه الشهداء، فيقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم، إن هذا الرجل من الشهداء، نعرفه بسمته وصفته، غير أنه من شهداء البحر، فمن هناك أعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه، قال: فيجاوز حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد، فينظر إليه شهداء البحر، فيكثر تعجبهم، ويقولون: إن هذا من شهداء البحر، نعرفه بسمته وصفته، غير أن الجزيرة التي أصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها، فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين، في صورة نبي مرسل، فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم، ويقولون: لا إله إلا الله العظيم الكريم، إن هذا النبي مرسل، نعرفه بصفته وسمته، غير أنه أعطي فضلا كثيرا،" قال: "فيجتمعون، فيأتون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيسألونه، ويقولون: يا محمد من هذا؟ فيقول: أو ما تعرفونه؟ فيقولون: ما نعرفه؟ هذا ممن لم يغضب الله عليه، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا حجة الله على خلقه، فيسلم، ثم يجاوز، حتى يأتي صف الملائكة في صورة ملك مقرب، فينظر إليه الملائكة، فيشتد تعجبهم، ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله، ويقولون تعالى ربنا وتقدس، إن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته، غير أنه كان أقرب الملائكة من الله عزوجل مقاما من هناك ألبس من النور والجمال.
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: اعلموا أن القرآن هدى الليل والنهار، ونور الليل المظلم، على ما كان من جهد وفاقة.
وقال (عليه السلام): إن هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
إن رجلاً سأل أبا عبد الله (عليه السلام) وقال: ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة؟" فقال (عليه السلام): "إن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.
وقال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لايستطيع عبد يقول: لو كان هذا في القرآن، إلاّ وقد أنزله الله فيه. وقال (عليه السلام): ثم ينتهي حتى يقف عن يمين العرش، فيقول الجبار: وعزتي وجلالي، وارتفاع مكاني، لأكرمن اليوم من أكرمك، ولأهينن من أهانك. وقال (عليه السلام): إن القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار. وقال (عليه السلام): القرآن غنى لا غنى دونه ولا فقر بعده. وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فانه شافع مشفع، وما حل مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعرفي لمن عرف الصفى، فليجل جال بصره، وليبلغ الصفى نظره، ينج من عطب، ويتخلص من نشب، فان التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص. وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: إني ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عزوجل به الشياطين أي أن نوره وتأثيره يجعل الإنسان يبتعد عن أعمال الشيطان. وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه ذكر القرآن، فقال: هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، والمنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، ولا يغث على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، وحجة على كل إنسان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. وختاما قال تعالى : ((افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدو فيه اختلافا كبيرا)) سورة النساء آية : 81. الهامش ـــــــــــــــــــــــ 1 - الغارة على العالم الإسلامي ، أ - ل شاتليه ، ط بيروت الثانية : 1387 . 2- لقاء أجرته صحيفة لواء الصدر الصادرة في طهران ، مع المؤرخ السيد حسن الأمين حول كتابة التاريخ في عددها 606 في 20 / 6 / 1993 . 3- الوليد بن المغيرة، أحد قادة قريش في العصر الجاهلى والد خالد بن الوليد من أغنى أغنياء قريش حيث ورد أنه بنى ركن من أركان الكعبة الأربعة عندما قامت قريش بترميمها واشتركت باقى القبائل في الباقي وورد كذلك أنه كان في موسم الحج وطول الأربعين ليلة يذبح للحجيج كل يوم 10 من الإبل وقيل أن قافلة تجارته تقدر بمائة بعير حتى يقال أنها لاتدخل من باب واحد بل من جميع أبواب مكة حتى تصل الجمال في وقت واحد . وهو الذي وصفه القرآن بأنه ((رجلٌ من القريتين عظيم)) ذكره الأمام البغوي في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قرأ ((حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير)) وكان الوليد يسمع قرأته ففطن له (أي انتبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعاد الآية فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه فقال :والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وأنه يعلو وما يعلى عليه. فقال لهم: تزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتموه يحنق قط؟ قالوا اللهم لا، قال: تزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط؟ قالوا اللهم لا، قال: تزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب؟ قالوا لا. هذا المشرك على الرغم من كفره وعتوه إلا أنه كان أشرف من السيد أحمد القبانجي في تقييمه للقرآن ، فلم يمنعه كفره وجحوده وإلحاده من قول الحقيقة. في حين يقول أحمد القبانجي في الحلقة الثالثة من محاضرته :تحدي بلاغة القرآن . على اليوتوب . يقول : إن القرآن ليس بليغ وانه كلام عادي وأنه لا فائدة منه وأنه لغو وركيك ولا نرى فيه أي معجزة . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق