استوقفني مقال نقدي للمفكر الايراني عبد الكريم سروش1 وجه فيه سهام النقد لمقال اخر كتبه اية المنتظري2 عالج فيه الاخير الموقف من المرتد واسباب تجريمه في الفقه الاسلامي, ونحن وان كنا نعتقد كما اكدنا هذا في مقالات سابقة على ضرورة نقد الموروث الديني واعادة صياغته من جديد على اسس عقلانية بعد كون هذا الفكر في عمومه فكرا بشريا يحمل بين ثناياه المعطيات القبلية والاحكام المسبقه لشخصية ممتهنيه واهل اختصاصه الا ان ذلك لايعني التسليم التام بكل مؤاخذات الدكتور على الشيخ رغم انه قد يكون اصاب كبد الحقيقة في البعض منها.
الذي افهمه من خلال مراجعاتي لنتاجات المفكر3 سروش(لاسيما مقاله المذكور) انه يقيم منظومته الفكرية على اسس فكرية مسبقة يجعلها الفيصل المعياري والقسطاس المستقيم التي يزن بها المقولات كافة لاسيما ذات المسحة العملية منها من سياسية ودينية واجتماعية وغيرها وبالتالي يعطي الحقانية لما انسجم من هذه المقولات مع تلك المعايير متحفظا في الوقت ذاته على كل ماخالفها ولم يسر على منوالها,والمشكلة الرئيسة في هذا الاسقاط المعرفي انه يطرح كأحد ادوات الاصلاح الضرورية في معادلة سروش المعرفية خصوصا المتصل منها بالمفاهيم الدينية, وفي عقيدتي ان هذا لايتم مالم يتحقق احد امرين بل ثلاثة وكلها لم يحاول دكتور سروش تحقيقه على مابيدي من نتاجاته وهذه الامور هي:
الاول: الاثبات المعرفي من خلال منهج علمي يقيني جازم من خارج الدين حقانية المقولات ذات الاصول الموضوعية التي يتعاطى معها سروش تعاطي المسلمات من دون الحديث عن اصل تسالمها ويقينيتها فالرجل يحاول ان يجعل هذه المقولات مضمونة الحقانية حاكمة على كل ماسواها من دون ان يثبت في المقام الاول صلاحيتها لهذه الحاكمية عبر منهج علمي يقيني تنقاد له النفس وتسلم بنتائجه فنحن عندما نتحدث مثلا عن مقولة حقوق الانسان ونجعلها معيارا لكل ماعداها لابد ان نسجل في الرتبة السابقة جزمية هذه المقولة واستطالتها على كل ماسواها وعدم رفع اليد عنها باي حال من الاحوال وهذا امر اعترف اني لم اجده فيما بين يدي من نتاجات سروش ان لم اكن قد وجدت ضده!!
الثاني: ان ينّظر الدكتور سروش لهذه المقولات من داخل الدين نفسه مستحصلا الشواهد والمؤيدات الدينية التي تؤدي بالنهاية الى اضفاء المشروعية الفكرية(دينيّا) على تلك المقولات وان لايكتفي باثارة المشكلات واللوازم التي يتصور وفقا لمنظومته المعرفية التي لم تثبت بعد انها(اللوازم)باطلة وغير منطقية.
الثالث:التأصيل والتفريع اي اننا اذا وصلنا الى نتيجتين متناقضتين يقينيتين واحدة من داخل الدين واخرى من خارجه فأيهما يكون الاصل الذي يحتفظ به والاخر الفرع الذي يؤول او يسقط نهائيا في ضوء ذاك الاصل؟؟ وبكلمة اخرى هل الاصل عند التعارض بين خارج الدين وداخله لليقين من داخل الدين ام لليقين من خارجه؟؟.وان كان قد يقال ان المتتبع لكتابات الدكتور سروش يجد انه يعطي الحاكمية لما هو خارج الدين على ماهو داخله بعد كونه يتعامل مع الخارج معاملة الاصل الموضوعي المفروغ من صحته ولكن يبقى هذا بدون ضابطة علمية واساس معرفي واضح4
وانا اذ اسجل هذه الامور اؤكد اهميتها بدرجة قصوى اذ من دونها سيبقى البناء النظري للمفكر سروش والمرتبط بنقد النتاج الشرعي لايعتد به لاسيما من المتدينين الذين سيضعونه تحت عنوان تحكيم الذوق اوالاستحسان الفكري واشباهها من عنوانات قاتلة, ونحن لا نتأمل كثيرا من مفكر ديني ان يرفع يده عن كثير من مفاهيمه ومقولاته لالشي الا لانها قد تعارض حقوق الانسان او تنافي احترام الانسان بما هو انسان او لاتعترف بحقوقه الذاتية مع ان كل هذه المقولات وسواها لم تثبت بعد(بحثيا) ثبوتا جزميا لا من داخل الدين ولا من خارجه.
والان اذا رجعنا الى مضامين مناقشة الدكتور سروش لاية الله المنتظري في قضيتنا وانا هنا اتحدث عن تجريم المرتد فسنجد ان مجمل مناقشاته تتمحور حول نقطتين اساسيتين:الاولى ترتبط بهدم محور ارتكاز مبنى الشيخ اعني بذلك حجية خبر الثقة5 الذي يستدل عن طريقه باحاديث احاد لاتفيد اليقين كما يفترض الدكتور والثانية ترتبط بحاكمية اللوازم الباطلة على اصل هذه الفتوى بعد معارضتها لحقوق الانسان وابتعادها عن فهم حقيقة الانسان نفسه وتعاطيه مع المفاهيم الفكرية فضلا عن ابتناء هذه الفتوى (في بعض الوجوه)على التمسك ببعض الحقوق ونفي الاخرى مع ان هذه الحقوق جميعها في عرض واحد وترجيح احدهما على الاخرى ترجيح بلامرجح كما ان صاحب الفتوى قد استعان بأمور وتمثيلات قد لايقره عليها الفقهاء ولايرتضيه مسلكهم.6
في صدد النقطة الاولى يرى الدكتور ان اهم دليل اتبعه الاصوليون في القول بحجية خبر الثقة الذي يمهد الطريق للعمل باخبار الاحاد والتي لاتفيد اليقين عادة هو التمسك بسيرة العقلاء7 وهذا واحد من ادلة متعددة تذكر بل لعله اهم دليل عندهم وعليه جعله الدكتور محلا لأخذه ورده وهو في ذلك يستعين بمقولة حقوق الانسان لكبح جماح التوسعة الفقهية المترتبة على القول بحجية خبر الثقة بعد ان رأينا الفقهاء يستندون اليها في مختلف الابواب الفقهية مهما كانت خطيرة ومهمة ومن هنا يقول الدكتور صحيح ان خبر الثقة حجة في نفسه وصحيح ان سيرة العقلاء انعقدت على العمل به لكن اذا تقاطع الخبر مع حقوق الانسان فان هذه السيرة نفسها توجب الاحتياط ولزوم السعي لتحصيل ادلة اقوى وقرائن أكثر.8
والذي أراه ان هذه المناقشة من الدكتور غير موفقه ربما لانها لامست موضوعا تخصصيا بحتا كان موردا لتلاقح افكار المئات من الفقهاء والاصوليين وبالتالي فمالم نتحرك في طريق التخصص وصولا الى هضم المطالب فسنكون غرباء عن هذه الاجواء البحثية ونحن اذ نقول هذا الكلام يمكننا ان نعضده بشواهد نقاشية يمكن ان ترد على مافاده المفكر سروش:
الاول:ان دليل سيرة العقاء ليس دليلا مستقلا بحد ذاته وانما مبني على امضاء الشارع المقدس وجعله وهو لولا هذا الامضاء وذاك الجعل لن يكون ذا قيمة اصلا ومن المعلوم ان امضاء ظاهرة ما يتطلب تحققها زمن النص ونحن نعرف ان مقولة حقوق الانسان متأخرة بزمن طويل جدا عن عصر النص وبالتالي تحتاج الى امضاء وهو مفقود كما هو واضح.
اللهم الا اذا تبرعنا للدكتور بان نقول : صحيح ان مقولة حقوق الانسان حادثة ومتأخرة عن زمن النص وعصره بيد ان الحادث منها هو هذه التطبيقات الحالية التي مرت بمراحل زمنية طويلة حتى وصلت الى ماوصلت اليه ونحن لانتحدث عن هذه التطبيقات والتشريعات بصورتها الحالية وثوبها الجديد وانما نتحدث عن العنوان الجامع الذي كان موجودا على طول الخط وهو حقوق الانسان التي نعتقد انها وجدت مذ وجود الانسان على سطح هذه المعمورة حتى وان كان وجودها وجودا ساذجا وبسيطا لارتباطه بظروف عقلية وثقافية وغيرها وحينئذ قد يقال بانعقاد سيرة العقلاء على الاحتياط وتجميع القرائن فيما يتعلق بحقوق الانسان ومعلوم ان هذه الحقوق متجددة ومتطورة الا ان هذا التجدد وذاك التطور لن يؤثر على اصل الاستدلال بالسيرة لاننا نعتقد(كما اعتقد الفقهاء في موضوعات مشابهة) ان الامضاء جاء للنكتة لا للمصاديق المادية والمعنوية وبكلمة اخرى: ان العقلاء جرت سيرتهم على الاحتياط في كل مايخص حقوق الناس لا لشيئ الا لانها حقوقهم سواء كانت ذاتية او مكتسبة وقد امضى الشارع هذه السيرة ومعلوم ان هذا الامضاء امضاء حتى للنكتة التي من اجلها امتنعوا عن تناول الحقوق وهذه ضابطة عامة ومتجددة في نفس الوقت.
هكذا يمكن ان نقول في تبرعنا لتوجية كلام الدكتور سروش رغم انه قد يسجل هنا تحفظ تخصصي بان يقال: ان ماذكرتموه تام لولم يثبت ردع من الشارع عن هذه السيرة في خصوص الدائرة التي تتكلمون عنها وقد وردت عشرات الاخبار التي تؤسس وبألسنة متعددة للعمل بالظنون المعتبرة حتى في موارد حقوق الانسان منها لسان تأسيسي ومنها لسان يحكي عمل القادة المعصومين _ع_ فضلا عن انعقاد سيرة المتشرعة(وهي اخص من سيرة العقلاء) لاسيما في القضايا الحقوقية والجزائية على العمل بما ذكرنا وهو امر غير قابل للانكار,مع الاشارة هنا الى ان ان دعوى امضاء النكتة دون اثباتها خرط القتاد بعد عدم توفر الضوابط الشرعية المؤيدة لذلك.
الثاني:اننا قد نسلم بما ذكره الدكتور سروش من تحفظ العقلاء واحتياطهم في كل مايتصل بحقوق الانسان بيد ان هذا لايعني مطلقا عدم العمل بالظنون المتولدة من اخبار الاحاد وضرورة تحصيل اليقين بعد ان راينا القوانيين الاجرائية والجزائية ومنذ فجر التأريخ الى يوم الناس هذا لاسيما في البلدان التي تنظر وتطبق حقوق الانسان في اجلى مظاهرها اقول رأيناها تكتفي في سلب حقوق الانسان(الى حد اعدامه) بظنون قد تكون اقل بكثير مما تولده اخبار الثقات ولابد من التذكير هنا انهم في هذا الصدد يرجحون بعض الحقوق على بعضها رغم اجتماعها في ان واحد لكن تراهم يضربون كل هذه الحقوق عرض الجدار حفظا على حق حفظ المجتمع المرجح على كل حق وهذا يصلح ان يكون ردا على ماافاده الدكتور سروش من ان حفظ حق العقيده ليس الحق الوحيد وان هناك حقوقا اخرى الى جواره وترجيح احدها على الاخر ترجيح بلامرجح.9
الثالث: اذا تكلمنا بخصوصية اكثر وقصرنا الموضوع على قضية الارتداد تحديدا فستكون القضية سالبة باانتفاء الموضوع كما يقولون بعد كون اخبار تجريم المرتد اخبارا متواترة خارجة عن دائرة الظنون ومعطيات اخبار الاحاد فلن يكون للحديث عن حجية خبر الثقة حينئذ اي موضوع.
هكذا يمكن ان نقول في تبرعنا لتوجية كلام الدكتور سروش رغم انه قد يسجل هنا تحفظ تخصصي بان يقال: ان ماذكرتموه تام لولم يثبت ردع من الشارع عن هذه السيرة في خصوص الدائرة التي تتكلمون عنها وقد وردت عشرات الاخبار التي تؤسس وبألسنة متعددة للعمل بالظنون المعتبرة حتى في موارد حقوق الانسان منها لسان تأسيسي ومنها لسان يحكي عمل القادة المعصومين _ع_ فضلا عن انعقاد سيرة المتشرعة(وهي اخص من سيرة العقلاء) لاسيما في القضايا الحقوقية والجزائية على العمل بما ذكرنا وهو امر غير قابل للانكار,مع الاشارة هنا الى ان ان دعوى امضاء النكتة دون اثباتها خرط القتاد بعد عدم توفر الضوابط الشرعية المؤيدة لذلك.
الثاني:اننا قد نسلم بما ذكره الدكتور سروش من تحفظ العقلاء واحتياطهم في كل مايتصل بحقوق الانسان بيد ان هذا لايعني مطلقا عدم العمل بالظنون المتولدة من اخبار الاحاد وضرورة تحصيل اليقين بعد ان راينا القوانيين الاجرائية والجزائية ومنذ فجر التأريخ الى يوم الناس هذا لاسيما في البلدان التي تنظر وتطبق حقوق الانسان في اجلى مظاهرها اقول رأيناها تكتفي في سلب حقوق الانسان(الى حد اعدامه) بظنون قد تكون اقل بكثير مما تولده اخبار الثقات ولابد من التذكير هنا انهم في هذا الصدد يرجحون بعض الحقوق على بعضها رغم اجتماعها في ان واحد لكن تراهم يضربون كل هذه الحقوق عرض الجدار حفظا على حق حفظ المجتمع المرجح على كل حق وهذا يصلح ان يكون ردا على ماافاده الدكتور سروش من ان حفظ حق العقيده ليس الحق الوحيد وان هناك حقوقا اخرى الى جواره وترجيح احدها على الاخر ترجيح بلامرجح.9
الثالث: اذا تكلمنا بخصوصية اكثر وقصرنا الموضوع على قضية الارتداد تحديدا فستكون القضية سالبة باانتفاء الموضوع كما يقولون بعد كون اخبار تجريم المرتد اخبارا متواترة خارجة عن دائرة الظنون ومعطيات اخبار الاحاد فلن يكون للحديث عن حجية خبر الثقة حينئذ اي موضوع.
في صدد النقطة الثانية التي تتمحور حول روح الفتوى واثارها السلبية فيرى الدكتور ان اية الله منتظري لم يكن موفقا في تحديد اسسها الشرعية لانه قد استعان بتمثيلات وتشبيهات وحتى ضوابط كلها يمكن المناقشة فيها وردها جملة وتفصيلا ويمكننا ادراج هذه الضوابط وتلك التشبيهات ضمن عنوانات متعددة:
الاول: الاستدلال بالاستعانة بتمثيل المرتد بالغدة السرطانية .10
الثاني:الاستدلال بمنطق المؤامرة.11
الثالث:الاستدلال بمنطق الدفاع عن الحق.12
الرابع:الاستدلال بمنطق الدفاع عن العقيدة.13
الخامس:ان حكم قتل المرتد حكم سياسي.14
الاول: الاستدلال بالاستعانة بتمثيل المرتد بالغدة السرطانية .10
الثاني:الاستدلال بمنطق المؤامرة.11
الثالث:الاستدلال بمنطق الدفاع عن الحق.12
الرابع:الاستدلال بمنطق الدفاع عن العقيدة.13
الخامس:ان حكم قتل المرتد حكم سياسي.14
هكذا قد عنون الدكتور الوجوه التي استدل بها الشيخ او قريبا من ذلك ثم حاول رد هذه الوجوه كلها باثارات قد لاتخلو من مناقشة بل مناقشات لغرابة الكثير منها ويتضح ذلك بعد ان نطرح تساؤلا اساسيا هنا:وهو هل حقا ان الشيخ المنتظري يريد ان يجعل هذا الوجوه التي ذكرها الدكتور سروش اساسا شرعيا لحكمه بتجريم المرتد وقتله؟؟؟ وان الحكم الشرعي هذا يدور مدار تلك الاسس وجودا وعدما؟؟
اعتقد ان من له ادنى المامة في الفقه واصول الاستدلال سوف يجيب جازما بالنفي بعد كونها امورا استحسانية ذوقية لايخلو الكثير منها من خطابية قد تصل حد الانشاء فضلا عن مخالفتها لاصول الاسنباط الشيعي ومنابعه البحثية واعتقد ان هذا شيئ ربما يستوحى من كلمات سروش نفسه الذي رد على منتظري فيما رد عليه ان الفقهاء يوجبون قتل المرتد بلا اي عنوان زائد على ارتداده15 رغم ان الشيخ قد يجيب عن هذا قائلا(ان كان يرى ان ماذكره من اسس تصلح ان تكون علة للحكم) ان هذا رأيي الفقهي وانا لااتعبد بما يقوله الاخرون.
وقد تسال اذا كان الامر كما ذكرت فما معنى تضمينها مقال الشيخ منتظري؟؟ ولماذا ذكرها اساسا؟؟
وفي صدد الاجابة نقول:
اولا- ان هذا راجع الى التفرقة في الفقه بين مصطلح الحكمة والعلة , ويفرقون بينهما في كون الحكم يدور مدار العلة وجودا وعدما بينما الامر ليس كذلك في الحكمة التي قد توجد وباعداد كثيرة في مورد من الموارد الا انه لن يكون مشمولا بحكم معين وهذا الذي كان على الدكتور سروش سؤاله من الشيخ المنتظري واغلاق الباب من اساسه انك عندما تذكر هذه الوجوه وتلك الاسس فهل هي حكم(جمع)ام علل لاافتائك بتجريم المرتد وقتله؟؟فان كانت حكما فهي ليست اساسا شرعيا ولافقهيا عند الشيعة للحكم بذلك وان كانت عللا فما هي ادلتها ومنابعها الفقهية التخصصية فضلا عن ايراد ماسجله من ملاحظات هنا فهي نافعة على اي حال.
ثانيا- ان هذا النوع من التوجيه الوارد في كلام الشيخ منتظري توجيه رائج ومتبع في كلمات غير واحد من المفكرين الذين يريدون باسلوبهم هذا ازالة استغراب المتلقي او عقلنة افكارهم فيصرون على ان تلك الافكار وهذه الطروحات ليست بدعا في بابها وليس تعليلها تعليلا غيبيا لايمكن ان يدرك كنهه او يتلمس واقعه لانه يبتني على اسس عقلائية معاشة من قبيل مواقف العقلاء تجاه المؤامرات والمتأمرين والدفاع عن الحق والعقيدة وغير هذا رغم ان هذه التعليلات لن تكون في النهاية(علة)للحكم الشرعي كما بيننا الا انها تنفع في ازالة الاستغراب وعقلنة الفكرة واخراجها من اطارها الغيبي المجهول الى عالمنا الحسي المعاش.
اعتقد ان من له ادنى المامة في الفقه واصول الاستدلال سوف يجيب جازما بالنفي بعد كونها امورا استحسانية ذوقية لايخلو الكثير منها من خطابية قد تصل حد الانشاء فضلا عن مخالفتها لاصول الاسنباط الشيعي ومنابعه البحثية واعتقد ان هذا شيئ ربما يستوحى من كلمات سروش نفسه الذي رد على منتظري فيما رد عليه ان الفقهاء يوجبون قتل المرتد بلا اي عنوان زائد على ارتداده15 رغم ان الشيخ قد يجيب عن هذا قائلا(ان كان يرى ان ماذكره من اسس تصلح ان تكون علة للحكم) ان هذا رأيي الفقهي وانا لااتعبد بما يقوله الاخرون.
وقد تسال اذا كان الامر كما ذكرت فما معنى تضمينها مقال الشيخ منتظري؟؟ ولماذا ذكرها اساسا؟؟
وفي صدد الاجابة نقول:
اولا- ان هذا راجع الى التفرقة في الفقه بين مصطلح الحكمة والعلة , ويفرقون بينهما في كون الحكم يدور مدار العلة وجودا وعدما بينما الامر ليس كذلك في الحكمة التي قد توجد وباعداد كثيرة في مورد من الموارد الا انه لن يكون مشمولا بحكم معين وهذا الذي كان على الدكتور سروش سؤاله من الشيخ المنتظري واغلاق الباب من اساسه انك عندما تذكر هذه الوجوه وتلك الاسس فهل هي حكم(جمع)ام علل لاافتائك بتجريم المرتد وقتله؟؟فان كانت حكما فهي ليست اساسا شرعيا ولافقهيا عند الشيعة للحكم بذلك وان كانت عللا فما هي ادلتها ومنابعها الفقهية التخصصية فضلا عن ايراد ماسجله من ملاحظات هنا فهي نافعة على اي حال.
ثانيا- ان هذا النوع من التوجيه الوارد في كلام الشيخ منتظري توجيه رائج ومتبع في كلمات غير واحد من المفكرين الذين يريدون باسلوبهم هذا ازالة استغراب المتلقي او عقلنة افكارهم فيصرون على ان تلك الافكار وهذه الطروحات ليست بدعا في بابها وليس تعليلها تعليلا غيبيا لايمكن ان يدرك كنهه او يتلمس واقعه لانه يبتني على اسس عقلائية معاشة من قبيل مواقف العقلاء تجاه المؤامرات والمتأمرين والدفاع عن الحق والعقيدة وغير هذا رغم ان هذه التعليلات لن تكون في النهاية(علة)للحكم الشرعي كما بيننا الا انها تنفع في ازالة الاستغراب وعقلنة الفكرة واخراجها من اطارها الغيبي المجهول الى عالمنا الحسي المعاش.
وهذا الامر بالضبط يجري في مانقله الدكتور عن الشيخ من ان هذا الحكم هو(نظير تحجيم عمل بعض الفئات المناوئة لئلا تسري عقائدهم واخلاقهم السيئة الى مفاصل المجتمع الاسلامي وهذا الامر اي تحجيم عمل القوى المعادية هو من الامور الرائجة في سياسية عالم اليوم)16 لكن الدكتور سروش اعتبر هذا الكلام دليل ابتناء هذا الحكم الفقهي على جنبة سياسية وعمم المقولة ليناقش العلاقة بين الدين والسياسة!!!17
رغم ان الشيخ المنتظري كان في صدد ماذكرنا من نفي كون الاسلام بدعا من جميع النظم الاخرى التي تحاول تحجيم اعدائها وابعاد خطرها عن مجتمعها ,ولو اصر الدكتور سروش على كلامه من كون هذه المقولة تعكس وبالضرورة الصبغة السياسية للفتوى فيمكننا ان نوجه كلام الشيخ منتظري توجيها اخرا رغم انه خلاف ظاهره وهذا التوجيه له اسسه الفقهية والشرعية في الفكر الاسلامي الشيعي وان كان متاخرالظهور وتحديدا على يد المفكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر مع وجود بذوره الاولى في روايات اهل البيت عليهم السلام 18.ويقوم هذا التوجيه على التفريق بين الاحكام الصادر من النبي ص بين كونه نبيا مرسلا او قائدا سياسيا اذ تمثل الحالة الاولى حالة ثبات الاحكام وعدم تغيرها الا في حالات استثنائية يعبر عنها بالعناوين الثانوية بينما تمثل الحالة الثانية حالة التبدل والتغير اخذا للمصلحة السياسية والاجتماعية بنظر الاعتبار على ان تكون صلاحيات ذلك بيد القائد السياسي سواء كان اماما معصوما او فقيها نائبا في عصر الغيبة وهذا مانجد له الكثير مما يصلح ان يكون اساسا شرعيا في التراث الفقهي الامامي ,ومن هنا يصح كلام الدكتور سروش ان لو كان هذا الحكم حكما سياسيا فيجب الالتزام بأثاره ولوازمه التي ابرزها كونه عرضة للتبدل والتغير وفقا للظروف والملابسات الاجتماعية والسياسية ولكن يبقى الكلام في مايستفاد من الروايات التي هي عمدة الادلة في كلام الشيخ المنتظري وكيف يوجه اطلاقها او عمومها الظاهر في كون هذا الحكم ليس حكما سياسيا مؤقتا قابلا للاسقاط رأسا تبعا للواقع وملابساته!19
رغم ان الشيخ المنتظري كان في صدد ماذكرنا من نفي كون الاسلام بدعا من جميع النظم الاخرى التي تحاول تحجيم اعدائها وابعاد خطرها عن مجتمعها ,ولو اصر الدكتور سروش على كلامه من كون هذه المقولة تعكس وبالضرورة الصبغة السياسية للفتوى فيمكننا ان نوجه كلام الشيخ منتظري توجيها اخرا رغم انه خلاف ظاهره وهذا التوجيه له اسسه الفقهية والشرعية في الفكر الاسلامي الشيعي وان كان متاخرالظهور وتحديدا على يد المفكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر مع وجود بذوره الاولى في روايات اهل البيت عليهم السلام 18.ويقوم هذا التوجيه على التفريق بين الاحكام الصادر من النبي ص بين كونه نبيا مرسلا او قائدا سياسيا اذ تمثل الحالة الاولى حالة ثبات الاحكام وعدم تغيرها الا في حالات استثنائية يعبر عنها بالعناوين الثانوية بينما تمثل الحالة الثانية حالة التبدل والتغير اخذا للمصلحة السياسية والاجتماعية بنظر الاعتبار على ان تكون صلاحيات ذلك بيد القائد السياسي سواء كان اماما معصوما او فقيها نائبا في عصر الغيبة وهذا مانجد له الكثير مما يصلح ان يكون اساسا شرعيا في التراث الفقهي الامامي ,ومن هنا يصح كلام الدكتور سروش ان لو كان هذا الحكم حكما سياسيا فيجب الالتزام بأثاره ولوازمه التي ابرزها كونه عرضة للتبدل والتغير وفقا للظروف والملابسات الاجتماعية والسياسية ولكن يبقى الكلام في مايستفاد من الروايات التي هي عمدة الادلة في كلام الشيخ المنتظري وكيف يوجه اطلاقها او عمومها الظاهر في كون هذا الحكم ليس حكما سياسيا مؤقتا قابلا للاسقاط رأسا تبعا للواقع وملابساته!19
يبقى الكلام فيما افاده الدكتور حول الانسان الفطري والتأريخي20 وكيف ان الفقهاء خلطوا احدهما بالاخر بعد ان تعاطوا مع الانسان كانسان فطري له حاجات ثابتة وكانها لوازم لاتنفك عن ذاته بحيث الغوا فكرة الملابسات الثقافية والتربوية والبيئية وسواها والتي لها دور بارز في صياغة الانسان وتحديد معالم شخصيته وهذا الكلام حق وتام الى حد كبير على المستوى العملي رغم ايماننا بان المفكرين الاسلاميين قد ميزوا بين الامرين ولكن تميزا نظريا فقط لم يلق بظلاله وبالمستوى المطلوب على الحالة الاستنباطية بل اصبحت الاحكام الثابتة المستطيلة على الواقع وافرازاته هي العلامة الفارقة في مسيرة الفقه بعد ان أوطرت باطار القضية الحقييقة بحسب اصطلاحهم رغم انهم وفي اطار التأصيل النظري يرون21: ان الانسان والمركب الاجتماعي له احتياجات ثابتة لاتتغير ابدا والى جوارها احتياجات متغيرة تتفاوت تبعا للعصور والامكنة والازمان وقد جاءت الشريعة لتمثل الجزء الثابت الذي لايتغير من الاحكام الاسلامية وهذا الجزء يتعامل مع الجزء الثابت في الوجود الانساني والاجتماعي اما الجزء المتغير من الوجود الانساني والاجتماعي فيقابله في الاسلام الجزء المتغير القائم على اساس مجموعة من الاحكام المتغيرة الا ان كل ذلك بقى في مجمله ترفا فكريا او تأصيلا نظريا لم ياخذ طريقه الى الواقع في احايين كثيرة,نعم قد يكون المفكر الصدر والسيد الخميني ساهما مساهمة هامة في تحريك هذا الواقع واعطاء الفقه ادوات مرنة الى حد كبير الاول عبر التفكيك بين الاحكام الشرعية والسياسية في تعاليم المعصوميين ومااصطلح عليه بمنطقة الفراغ التشريعي والثاني عبر مفهوم المصلحة الذي ذاع صيته في التجربة الايرانية الاسلامية الا ان كل ذلك يبقى في اغلبه نوعا من الحلول الترقيعية وغير النافعة كما يقول الدكتور سروش22, وربما يعود هذا الى حالة البعد عن الواقع المعاش بحكم حالة الوضع الاستثنائي الذي مرت به الشيعة و عاشه فقهاؤها على طول الخط ومن المعلوم ان التجربة العملية وافرازات الواقع تفتح افاقا جديدة للبحث وتطرح مشكلات كثيرة تتطلب تأصيلات علمية حادثة ولعله لهذا وغيره غاب فقه الدولة عن الفكر الشيعي الامامي الى وقت متأخر وشاع بدلا عنه فقه الفرد قبل ان يعيشوا تجربتهم الاخيرة رغم اعتقادنا ان الخلط بين الفقهين مازال موجودا لاسيما في الفقه القديم المنتشر حاليا في الحوزات العلمية.
الهوامش
1-الفقه في الميزان مقال منشور ضمن كتاب الدين العلماني للدكتور عبد الكريم سروش ص91ومابعدها
2-لم يتضمن الكتاب اصل مقال الشيخ المنتظري
3-الدين العلماني والصراطات المستقيمه وغيرها
4-رغم ان محاور الدكتور سأله في الصراطات المستقيمة ص92 نفس هذه التساؤلات او قريبا منها الا ان الدكتور اجاب بما يشبه المدعيات
5-المقال نفسه ص114
6-ص93ومابعدها
7-ص114
8-ص114-115
9-ص98
10-ص93
11-ص96
12-ص97
13-ص106
14-ص109
15-ص96
16-ص109
17-ص109ومابعدها.
18-السيد محمد باقر الصدر الاسلام يقود الحياة ص50 ومابعدها.
19-وسائل الشيعة ج18 كتاب الحدود والتعزيرات ابواب حد المرتد ص545 ومابعدها
20-المقال ص115
21-هذا الكلام يذكرونه عادة في معالجة شبهة الثابت والمتغير في الاسلام
22-المقال ص103
1-الفقه في الميزان مقال منشور ضمن كتاب الدين العلماني للدكتور عبد الكريم سروش ص91ومابعدها
2-لم يتضمن الكتاب اصل مقال الشيخ المنتظري
3-الدين العلماني والصراطات المستقيمه وغيرها
4-رغم ان محاور الدكتور سأله في الصراطات المستقيمة ص92 نفس هذه التساؤلات او قريبا منها الا ان الدكتور اجاب بما يشبه المدعيات
5-المقال نفسه ص114
6-ص93ومابعدها
7-ص114
8-ص114-115
9-ص98
10-ص93
11-ص96
12-ص97
13-ص106
14-ص109
15-ص96
16-ص109
17-ص109ومابعدها.
18-السيد محمد باقر الصدر الاسلام يقود الحياة ص50 ومابعدها.
19-وسائل الشيعة ج18 كتاب الحدود والتعزيرات ابواب حد المرتد ص545 ومابعدها
20-المقال ص115
21-هذا الكلام يذكرونه عادة في معالجة شبهة الثابت والمتغير في الاسلام
22-المقال ص103
مرحبًا، أنا سعيد جدًا الآن لأنني حصلت اليوم على قرض بمبلغ 60 ألف دولار من هذه الشركة الجيدة بعد أن جربت عدة شركات أخرى ولكن دون جدوى هنا رأيت إعلان Sunshine Finance وقررت تجربته واتبعت جميع التعليمات. وها أنا سعيد اليوم، يمكنك أيضًا الاتصال بهم إذا كنت بحاجة إلى قرض سريع، تواصل معهم الآن عبر هذا البريد الإلكتروني:
ردحذف(contact@sunshinefinser.com) أو
واتساب: +919233561861
شكرًا.