في هذا النص يصرح السيد المسيح بأن إيليا هو أفضل منه . لا بل أفضل من جميع الأنبياء وترتفع رتبته ليصبح فوق الأنبياء ـ وأن النساء لم تلد أعظم منه ـ وأن الله بشر يوحنا بأنه سوف يرسل عيسى أمامه ليُمهد له . وقد أخبر عيسى جميع الناس من أن يوحنا هو المنتظر الذي عليهم أن ينتظروه وأنه منزه عن جميع الخطايا والذنوب حتى الخمر التي يشربها عيسى والتي وصفه الناس على أثرها بأنه سكير امتنع يوحنا عن شربها .
من خلال هذا النص نرى أن بأن عيسى عليه السلام ليس الأفضل في زمانه وحسب اعترافه بأن النساء لم تلد أفضل من يوحنا وأن يوحنا لا يأكل ولايشرب وفي ذلك إشارة واضحة إلى قدسيته .
القرآن أشار إلى ذلك أيضا بقوله : كان يأكل الطعام ويمشي في الأسواق . وهذا القول يتطابق تماما مع ما قاله عيسى من أنه (ثم جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب)وكلمة ابن الإنسان يطلقها عيسى على نفسه وكثيرا ما رددها عن قصد أمام الناس, وقد وردت في الإنجيل في أماكن عديدة . يضاف إلى ذلك أن عيسى عليه السلام كان كثير التردد على الأسواق ، وكان الناس عندما يفتقدونه يجدونه في السوق ، وكانت أكثر معجزاته تتم في الأسواق حيث كان يشفي المرضى بالجملة هناك كما في إنجيل مرقس : ((وابتداوا يحملون المرضى على أسرة إلى حيث سمعوا أنه هناك ، فوضعوا المرضى في الأسواق وطلبوا إليه أن يلمسوا ولو هدب ثوبه وكل من لمسه شفى)) مرقس الإصحاح 6:54
فليس عجبا أن يُشير القرآن إلى ذلك بقوله : ((كانا يأكلان الطعام ويمشيان في الأسواق)).

دفاعا عن عيسى عليه السلام .
كيف يكون شاذا والإنجيل يقول : لا تضلوا.لا زناة ولا عبدة اوثان ولا فاسقون ولا مابونون ولا مضاجعو ذكور لأن هؤلاء لا يدخلون ملكوت الله .

عيسى لم يشرب الخمر وهذا محال ممتنع عن الرسل والأنبياء لأنهم يجب أن يكونوا بكامل وعيهم لتبليغ رسالات الله تعالى كما يقول الكتاب المقدس نفسه : ((لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُواخَمْراً وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ الْمُسْكِرُ. 5لِئَلاَّ يَشْرَبُواوَيَنْسُوُا الْمَفْرُوضَ)) الأمثال31: 4-7
ولذلك فإن عيسى عليه السلام ذكر في نصوص صحيحة أن الخمر شربها حرام لأنها تمنع الإنسان من دخول ملكوت ألله أي الجنة .
فإذا كان يوحنا والذي هو أدنى مرتبة من عيسى في عقيدتنا كان عظيما في عين الله تعالى لأنه لم يشرب الخمر فما بالك بعيسى ؟ النص الإنجيلي يقول : ((لأنه يكون عظيما أمام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب)) إنجيل لوقا الإصحاح الأول : 15.
وهذا بولس يوصي في تعاليمه : ((حسن ان لا تاكل لحما ولا تشرب خمرا))رسالة بولص إلى أهل رومية الاصحاح 14:21 فهو يعتبر أكل اللحم وشرب الخمر من المفاسد التي من الأفضل للإنسان أن يقربهما . وهذا مع أنه هو محرف الديانة المسيحية ، إلا أنه خشى أن تصطدم افكاره مع تعاليم السيد المسيح فيرفضونه ولا يرمنوا به ولذلك أمر بهذين التشريعين الذي نهى عنهما المسيح أيضا .
حتى أن من شروط نيل رتبة قسيس أو رجل دين أو شماس أن يتمتع المتقدم لنيل هذه المرتبة بعدة مزيايا نص عليها الإنجيل ، منها : ((فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم3 غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم ولا محب للمال ئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس)) تيموثاوس الأولى الاصحاح الثالث : 3 . ولكن الملاحظ أن رجال الدين في هذا الزمان لم يلتزم أي أحد منهم بأي خصلة من هذه الخصل المذكورة .
والكتاب المقدس يذهب أبعد من ذلك حينما يأمر بعدم مخالطة ولا مشاربة ولا مؤاكلة شاربي الخمور والزناة وغيرهم في نص واضح لا غبار عليه : ((ان لا تخالطوا الزناة او الطماعين او الخاطفين او عبدة الاوثان او شتاما او سكيرا او خاطفا ان لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذ)) كورنثوس الأولى 5:9.
وفي نص آخر وفي نفس الرسالة المذكورة أعلاه يصف الكتاب المقدس أولئك الذين يمارسون المحرمات بأنهم لا يدخلون ولا يرثون ملكوت الله : ((أم لستم تعلمون ان الظالمين لا يرثون ملكوت الله.لا تضلوا.لا زناة ولا عبدة اوثان ولا فاسقون ولا مابونون ولا مضاجعو ذكور10 ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله.)) كورنثوس الأولى 6:10.
وليس الخمر وحدها المحرم شربها بل أن الأواني التي يوضع فيها الخمر نجسة لايجوز الأكل منها أو فيها : ((مِنْ كُلِّ مَايَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ, وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَتَشْرَبْ, وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَاأَوْصَيْتُهَا».) قضاة 13: 14
وهكذا تتكرر عمليات النهي عن الخمر ومصائبها وقبائحها كما في النص التالي : ((4: 3 لان زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا ارادة الامم سالكين في الدعارة و الشهوات و ادمان الخمر و البطر و المنادمات و عبادة الاوثان المحرمة)) بطرس الأولى الاصحاح الرابع : 3.
فبعد كل هذه النصوص ونصوص أخرى تحرم الخمر وتصفها بأقبح الأوصاف ، هل يُعقل أن يقوم السيد المسيح بشربها أو صناعتها أو أنه أمر بشربها وأنها أولى معجزاته؟ فبأيهما نصدق ؟ بهذه النصوص الذامة المحرمة لها أم بالنصوص التي تصف السيد المسيح بأنه سكير شريب خمر ؟ فلا يسعنا والحال هذه إلا أن نرفض كتابا لا يتورع عن وصف نبيه بأقبح الصفاة . ونتعلق بكتاب نزه السيد المسيح وأمه وقدمه لنا بأحسن صورة تليق بنبي جاء لإنقاذ الناس من الظلام إلى النور ذلك هو القرآن.

المصادر والتوضيحات
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - راجع سفر حزقيال من الكتاب المقدس الإصحاح الرابع : 12

[2] - طبعا لابد من الإشارة هنا إلى أن الإنجيل الذي يزعمون أنه كتاب مقدس ، يصف عيسى بأقذر الأوصاف يصفه بأنه سارق حمير صانع وشارب للخمور عاقا بأمه جبانا رعديدا صديق الزواني والعشارين وسفلة الناس ملئوا وجهه بصاقا في محنته يطلب ماءا فيسقوه خلا . ويضعون نصا على لسانه يقول فيه بأنه لم يُبعث إلى الكلاب أي إلى كل الناس إنما للصفوة منهم (بني إسرائيل). ففي نص مذل محزن تتوسل فيه امرأة أن يشفي ابنتها من مرضها وتصفه بأنه ابن داود فيقول لها بأن طعامه لا يُرمى للكلاب . انظر النص واحكم هل أن أخلاق المسيح الذي يدعونه ربا تكون بهذا المستوى؟ وهل أن أتباعه انصفوه عندما وصفوه بهذه الأوصاف التي تنفر منها الطباع ، أم أن المسلمين وقرآنهم المجيد هو الذي أنصف السيد المسيح وأمه عليهما السلام اقرأ النص (ثم انصرف إلى نواحي صور وصيدا ، وإذا امرأة كنعانية صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود، ابنتي مجنونة جدا. فلم يجبها بكلمة فتقدم إليه تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا . فأجاب وقال لم أرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني ، فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب . فقالت المرأة نعم يا سيد . والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها))سبحان الله أيكون نبيا بمثل هذه الأخلاق أو ربّا كما يزعمون سلام الله عليك يا ابا القاسم إنما بُعثت لتتمم مكارم الأخلاق .