تنويه مهم جدًا: الموقع لا يزال في طور الإعداد، ونعتذر عن عدم الترتيب والنقص.

الأحد، سبتمبر 11، 2011

كيف يهيمن القرآن على الكتب الأخرى ؟ شواهد من الإنجيل

كيف يهيمن القرآن على الكتب الأخرى ؟ شواهد من الإنجيل 

يزعم أتباع الكتاب المقدس بأن كتابهم غير قابل للتحريف والتبديل حتى ولو على مستوى نقطة واحدة . انطلاقا من نص موجود في هذه الكتب يقولون فيه على لسان السيد المسيح :
((فاني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل 1)) .
في خضم المعمعات التي دارت حول صحة التوراة والإنجيل وما جاء فيهما من شرائع وعقائد والتي استمرت قرونا طويلة من قبل الفرق الدينية الكبرى برز على الساحة تيار جديد من كتّاب النصارى ، يدافع عن صحة ما عنده من كتب وعقائد .ومنهم علي سبيل المثال : القس لبيب بيضون ، و وليم كامبل ، وأمير ريشاوي و جون نور وكتاب ليس له مؤلف تحت عنوان مسيحيون في سلاسل وغيرها من الكتب الأخرى الكثيرة ولكنهم بدلا من أن يناقشوا تلك الاتهامات انطلاقا من الكتابين ، اتجهوا إلى مصادر المسلمين ومنها القرآن الكريم لإثبات أن التوراة والإنجيل ليس فيهما تحريف ، هذا التيار المدافع إنما يقصد بذلك المسلمون لأنهم الجهة التي توجه اتهام التحريف إلى كتبهم المقدسة اختار هؤلاء آية ووردت في القرآن الكريم تقول بأن القرآن ـ وحسب مجموعة من المفسرين المسلمين ـ هو المهيمن ـ أي الحارس على الكتب السماوية ومنها التوراة والإنجيل ـ وما ينبثق عنهما من عقائد. والآية هي : (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أ هواءهم عما جاءك من الحق) 2. أي حارسا وهنا يطرح ذلك المدافع سؤاله الذي يحاول فيه إحراج المسلمين فيقول : إذا كان القرآن يذكر في آياته بأنه حارس على التوراة والإنجيل من التحريف أو التلاعب ، فكيف تدعون أيها المسلمون أن هذين الكتابين تم تحريفهما ؟ فإما أن يكون القرآن محرفا وأن هيمنته على الكتب غير صحيحة ، أو يكون القرآن صادقا وأن الكتابين لم يتم التلاعب بهما حيث أنه مأمور بحراستهما؟
وهنا تطرح أسئلة كثيرة نفسها لتحيط بهذا الموضوع وأولها :
1ـ عليهم أن يأتوا بالتوراة والإنجيل الحقيقيين ، لأن ما بين أيدينا الآن هو ترجمات ـ عن النص الأصلي حسب زعمهم ـ ، وهي مما دونه الأحبار بعد السبي البابلي أو ما كتبه تلامذة السيد المسيح عن حياته على شكل مذكرات وهي الكتب الحالية المتداولة بينهم هذه الأيام ، فليأتوا بالنص الأصلي ثم نناقشهم على صحة أو عدم صحة العهدين .
2ـ إن علماء الكتاب المقدس من النصارى والباحثين فيه ومن قاموا بتفسير آياته 3 اختلفوا في الكثير من التعابير البسيطة فيه وحتى في كلمة واحدة منه حيث أحدث تفسيرها عسرا في الفهم لديهم وفي موارد كثير وسنأخذ على ذلك أمثلة مما كتبه هؤلاء وحيرتهم في التفسير.
ومن ذلك نذكر :
المثال الأول : ثقب الإبرة .

حسب رأي ترجمة الإنجيل الحالي فإن السيد المسيح عليه السلام قال : تزول السماوات والأرض ولا يزول حرف من كلامي .
حرف واحد أو نقطة لا تزول !! تعال لننظر .
هذا مثال واحد بسيط من الأمثلة الكثيرة التي تبين مدى حيرة القوم في تفسير أو تأويل آيات العهدين . كلمة واحدة فقط . فكيف إذا أخذنا بقية العقائد بصورة مفصلة ؟ وما فيها من فجائع وغرائب جعلت هاتين الديانتين مهزلة الإنسانية على طول التاريخ وتسببت هذه النصوص بالويلات والمصائب على البشرية 4.
ورد ذكر مرور الجمل في ثقب الإبرة في ثلاث مواضع من الإنجيل ، اثنان منها متشابهة في اللفظ واختلفتا في المعنى والتفسير ، والثالث اختلف بفرق كبير عنهما .
أما اللتان تشابهتا فهما .
أولا : قول متى في إنجيله نقلا عن السيد المسيح أنه قال : ( أن مرور جمل في ثقب إبرة (رهافيس ) أسهل من أن يدخل غني ملكوت الله ) 5.
الثاني : قول مرقس نقلا عن السيد المسيح أنه قال : ( مرور جمل في ثقب إبرة (بلونة ) أسهل من أن يدخل غني ملكوت الله ) 6.
الثالث : قول لوقا في إنجيله نقلا عن السيد المسيح أنه قال : ( أن مرور جمل في ثقب إبرة خياطة لأسهل من أن يدخل غني ملكوت الله ) 7.
التحليل

أي نص نعتمد من هذه النصوص الثلاث حيث ذكر متى كلمة ( أن ) في بداية النص! بينما حذفها مرقس من إنجيله ، وأثبتها لوقا مضيفا لها كلمة خياطة !
ثم لنا الحق في أن نقول : من الذي أضاف كلمة (خياطة) إلى النص في لوقا بينما خلا متى ومرقس من هذه الكلمة ؟
يدعي النصارى في بداية أناجيلهم المقدسة أن تدوين هذه الأناجيل ( بحسب الوحي ) حيث أوحى الله إلى الكتبة أن يدونوا ما يلهمهم إياه . ولكننا نرى لوقا يخالفهم في أسباب كتابته للإنجيل فلا يدعي بأن الله أوحى إليه بل أنه رأى كثيرين يكتبون قصصا حول السيد المسيح وسيرته ففعل مثلهم وأهدى كتابه إلى صديقه ثاوفيلس بعد انجازه ولذلك نرى لوقا يذكر هذه الحقيقة في مقدمة إنجيله : (( إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين ، رأيت أنا أيضا أن أكتب 8..)) لوقا يعترف بأن الذين كتبوا قبله إنما كتبوا قصصا يتناقلونها شفاها ( كما سلمها إلينا الذين كانوا ) وليس وحيا فهل كان الوحي ناسيا أو مخطئا لكي نرى هذا التضارب والاختلاف ؟ أم أن الكتبة خانوا الأمانة ولم يكونوا أهلا لتحمل أمانة كتابة الأناجيل .وهي مهمة خطيرة كما يعلم الجميع حيث أن تدوين كتابا مقدسا لأمة من الأمم يعتبر عملا في غاية الخطورة ، لأن هذا الكتاب المقدس هو الذي يصوغ ثقافة الأمة الدينية ويرسم لها الخطوط العريضة ماضيا وحاضرا ومستقبلا !
يضاف إلى ذلك أن هذا التجاهل أو النسيان تترتب عليه تأويلات كثيرة ، حيث ينقلب المعنى الحرفي للكلمة للتشابه الكبير بينها وبين كلمات أخرى لربما كانت هي المقصودة ومن ذلك : 
(9) 

تقترح بعض المراجع المهمة المتعلقة بالكتاب المقدس ( 10) أن ثقب الإبرة المذكور هنا في هذا النص مجردا عن التعريف إنما يعني بوابة صغيرة في إحدى بوابات مدينة أورشليم الكبيرة . وذلك لأنه عند إقفال البوابة الكبيرة ليلا ، تترك البوابة الصغيرة مفتوحة لتسهل عملية مرور الناس الذين يأتون متأخرين بعد تفتيشهم . ويُعتقد أن بإمكان جمل أن يدخل منها ! فيقول المعجميون هنا أن المقصود من قول متى ومرقس هو هذا المعنى الحرفي للكلمة .
وتأتي مراجع أخرى لتفند ذلك حيث يقول علماء الآثار بأنهم وجدوا في المناطق التي عاش فيها السيد المسيح وجدوا أبر خياطة مصنوعة من العظام أو المعدن وخصوصا من النحاس ، فيمكن القول بأن الإبرة أداة شاع استعمالها في المنازل وأن قميص السيد المسيح قد خيط بمثل هذه الإبرة فلا بد هنا أن المقصود هو الإبرة الحرفية لا غير .
ولكن ماذا عن كلمة ( خياطة ) هل يوجد مجالا للشك في أن المعنى المقصود هو تلك الإبرة المستعملة للخياطة لا غير ، وهنا ذهب النصارى أيضا مذاهب شتى .
يقول معجميون كثيرون أن أصل الكلمة اليونانية التي تقابل كلمة ( إبرة ) الواردة في متى هي رهافيس وهي كلمة مشتقة من فعل يعني يخيط ، أي مما يستعمل لخياطة الملابس وترقيعها .
والكلمة اليونانية الواردة في إنجيل لوقا بالأصل اليوناني ( بلونة ) تُستعمل هذه الكلمة للإشارة إلى الإبرة الحرفية المستخدمة في الجراحة ـ وليس خياطة القماش ـ أي لخياطة الجروح في البدن ! وهي إبرة دقيقة منحنية على شكل هلال.
الأغرب من ذلك كله أن يأتينا قاموس ((فاين)) التفسيري لكلمات العهدين بتفسير غريب بعيد كل البعد عما ذهب إليه المعذرون من النصارى حيث يقترح هذا القاموس أنه في الآيات المشار إليها في متى ولوقا يجب أن تُنقل كلمة ((جمل)) إلى كلمة ((حبل)) وذلك لأن كلمتي جمل وحبل اليونانيتان متشابهتان ، لأن كلمة (كاميلوس) التي هي جمل و(كاملوس) التي هي حبل لربما استبدلتا من قبل النساخ لعدم وجود فارق كبير بينهما وخصوصا عند الترجمة من العبرانية إلى اليونانية !
ولكن بالرجوع إلى بعض المخطوطات القديمة التي عُثر عليها في بعض الأديرة وخصوصا المخطوطات السينائية تبين أن الكلمة اليونانية المقابلة لكلمة جمل في متى هي التي تظهر في أقدم هذه المخطوطات لا غير ولا وجود لكلمة حبل ! وذلك للقول الشائع بأن متى كتب إنجيله باللغة العبرانية أولا ، ولربما ترجمه هو نفسه إلى اليونانية ، ولكن يبقى الإشكال القائم والذي لا يجد له المعجميون تفسيرا إن الكلمة الواردة في متى تعني إبرة لخياطة القماش فيما أتت الكلمة في لوقا بمعنى الإبرة المستعملة لخياطة الجروح !
وهنا يأتي القرآن مهيمنا ومصححا لما ورد في هذه المعمعة فيقول تعالى : وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أ هواءهم عما جاءك من الحق 11 . فماذا يقول القرآن حول هذا الموضوع ؟ إنه يؤيد النص الذي ورد في لوقا في إنجيله نقلا عن السيد المسيح أنه قال : ( أن مرور جمل في ثقب إبرة خياطة لأسهل من أن يدخل غني ملكوت الله) 12. ولكن القرآن لا يؤيد النص تأييدا كاملا بل يحوم حوله مصححا بعض كلماته ومبينا المعنى الحقيقي لأسباب استدعاء هذا المثل فيقول تعالى : (( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط )) 13 . وكلمة ملكوت الله الواردة في لوقا تعني أبواب السماء . فبين تعالى أن المقصود من ثقب الإبرة هو الإبرة المستعملة في خياطة الملابس . فتبين أن هيمنة القرآن في محلها ، وأنه أيضا من خلال هذه الصلاحية الإلهية بيّن أن الكتب الموجودة بين أيدينا قد طالها التحريف والتغيير عندما تُرجمت إلى لغات أخرى ، خصوصا بعد ضياع نصوصها الأصلية ، ولذلك قال تعالى : قل ائتوا بالتوراة فاتلوها . فإذا كانت التوراة موجودة في زمن نزول الآية لماذا يطالبهم تعالى بالإتيان بالتوراة ؟ فتمعن .
ماذا عساني أن أقول عن كتاب (( مقدس)) جاء فيه أن الابن أكبر(أسنّ) من أبيه بسنتين.
عمر اخزيا عندما أصبح ملكا على يهوذا كان 42 سنة وملك سنة واحدة فأصبح عمره 43 سنة وقد مات أبوه يهورام وعمره 42 سنة !!
ثم لماذا هذه الفراغات في آيات كثيرة من الكتاب المقدس .... لماذا فراغ يُملأ بالنجوم أين الكلمات ###### ؟؟
سترى ذلك في البحث القادم إنشاء الله تعالى .
((فاني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة !!من الناموس حتى يكون الكل)) .
ملاحظة : لم استطع تحميل بعض الصورة التي صوّرت فيها صفحات من الكتاب المقدس فيها مواقع التحريف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1- متى 5 : 18 . ولكن السيد المسيح لا يقصد هنا أن كلام الله لا يزول . بل كلامه هوه لا يزول وبما أن الكتاب المقدس ليس كلام المسيح بل كلام الله على ما يزعمون . فإن كلامه هو الباقي كما في بقية الأناجيل. انظر : ((متى 24: 35 السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. مرقس 13: 31 السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول . لوقا 21: 33 السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول .ولا ندري السبب الذي ناقض فيه متى نفسه !
2- سورة المائدة آية 48 . ويحضرني هنا قول للشيخ محمد جواد مغنية في تفسير هذا المعنى فيقول في تفسيره الكاشف: أنه مهيمن على ما سبقه من الكتب السماوية ، ومعنى هيمنة القرآن على التوراة والإنجيل أنه يشهد لهما بالحق والصدق ، ويخبر عن الأصول والأحكام المحرفة فيهما ليميز الناس الأصيل من الدخيل الذي نسبهُ رؤساء الأديان إلى الله كذبا وافتراء . راجع الجزء الثالث في تفسير هذه الآية .
3- المفسرون إنما فسروا الترجمات وليس كتب الله الأصلية والترجمات كما نعلم تخضع لأهواء المترجمين وفهمهم للنصوص وكلما كثرت الترجمات كثر معها تنوع التفسير لكل كلمة وتشتت معناها .
4 - انظر كتابنا المطبوع ( لمحات من فترة الاضطهاد الديني في أوربا . الجذور المؤسسة للقتل على الهوية) سترى عظم المصائب التي لاقاها الناس جراء صراع الكنيسة حول تفسير هذه العقائد .
5 - إنجيل متى الآية 19 الفقرة : 24 . وكلمة رهافيس هي في الأصل اليوناني كما ورد في متى .
6 - إنجيل مرقس الآية 10 الفقرة : 25 . كلمة بلونة كذلك في الأصل اليوناني كما ورد في مرقس .
7 - إنجيل لوقا الآية 18 الفقرة : 24 .
8 - لوقا المقدمة 1 : 1 . وهنا يُثبت لوقا بأن ما كتبه إنما سمعهُ من أفواه الناس وليس وحيا .
9 - النص مصور عن الأسفار اليونانية المسيحية ترجمة العالم الجديد طبع أمريكا بروكلن سنة 1998 . وهو موجود في هذه الطبعة فقط ، وأما بقية الطبعات التي فحصناها فقد رفعت كلمة ( خياطة ) وحتى في الترجمات الإنكليزية والألمانية وغيرها ، فقد تم توحيد النصوص تحت كلمة ( ثقب إبرة ) من دون ذكر النص الواضح في لوقا والمتطابق مع النص ا لقرآني فأقرأ وأعجب من الأمانة والنزاهة في نقل النصوص الإنجيلية ويبدو أن يد التحريف لا زالت تعمل حتى هذا اليوم
10- قاموس الكتاب المقدس بحث تحت كلمة رهافيس وبلونه .
11 - سورة المائدة آية 48 .
12- إنجيل لوقا الآية 18 الفقرة : 24 .
13 - سورة الأعراف آية 40 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق