يرى اكثر من فيلسوف وكاتب غربي ان الحالة البدوية كانت المحطة الاولى للانسان على وجه هذه البسيطة وان الوحشية والانانية والفردية كانت من ابرز ملامح هذه الفترة ويرون ان الانسان كان يعيش الفردية من دون التقيد بالاعراف والتقاليد الاجتماعية وبكلمة اخرى ان الانسان كان يعيش بصورة وحشية وغير متمدنة قبل ان يتجاوز مرحلة البداوة ليعبر الى التمدن والحياة المدنية ليستبدل بالتالي صفاته وحالاته الى اضدادها فينتقل من حالة التوحش الى حالة التمدن ومن الحالة الانفرادية الى حالة قبول النظم والتأدب بالاداب والاعراف الاجتماعية.
ويتفق التفسير الديني لحركة الانسان وبداية تكوينة المجتمعات البشريه الى حد ما مع هذا التفسير غاية الامر انه يختلف معه في تعميم مفهوم الوحشية التي كان الانسان يعيشها للجوانب المادية والمعنوية فنحن قد نتفهم كون الوسائل الاولى التي كان يتبعها الانسان للتعامل مع الطبيعة وموجوداتها كانت بدائية تماما الى الحد التي قد توصف بانها وحشية بهذا اللحاظ بيد اننا لانوافق على ان هذا الوصف ينجر حتى على الحالة المعنوية والاخلاقية باعتبار ان الانسان لم يخل في مرحلة من مراحلة سيرته الدنيوية من هاد سواء كان هذا الهادي من مقوماته الذاتية المرتبطة بالفطرة والعقل او خارجا عن مقومات الذاتية كما في الانبياء والرسل.
لقد مر الانسان بنمطين من الحياة كان عنصر الانا والحالة الفردية هي الغالبة على النمط الاول بينما كان النزوع نحو الاجتماع وتأكيد الاواصر الاجتماعية هو الطاغي على الحالة الثانية وفي كلا النمطين علينا ان نتسائل عن طبيعة الاخلاق التي كان الانسان يتحلى بها؟؟ وعن مصدرها الذي اليه تستند؟؟
يعود النمط الاول من الحياة الى الحالة الاولى للانسان قبل تكوين المجتمعات وبالتالي ظهور الاديان ورسم التشريعات الالهية والوضعية وتؤكد المستندات الدينية ان الحاكم الاساسي للانسان والموجه الرئيسي في هذه المرحلة هما امران رئيسان يتحدد اولهما بما يعرف في الثقافة الاسلامية بالفطرة التي فطر الله الانسان عليها بعد ان ركب في نفسه القدرة على تشخيص الخير من الشر والصلاح من الفساد وذلك بالهام فطري (ونفس وماسواها فالهما فجورها وتقواها), وقد قيل ان الامور المرتبطة بالفطرة وبحكم كونها من صميم الانسان وذاتياته( فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله) اقول: قيل انها ليست بحاجة الى تعليم وتعلم وهكذا غير قابلة للتغيير والتبدل فضلا عن توفرها في كل افراد النوع الانساني بيد انها قابلة للشدة والضعف تبعا للمؤثرات البيئية والثقافية والتربوي وغيرها واذا عرفنا ان الاحكام الفطرية غير قابلة للانسلاخ من الذات الانسانية لانها من صميم خلق الانسان واذا عرفنا ايضا ان كل المؤثرات التي تؤدي الى ٌٍٍُِِاضعاف هذه الاحكام من ملابسات ذكرناها قبل قليل انما يمكن فرضها في حال تكوين المجتمعات البشرية امكننا ان نعرف ان الفطرة هي الموجه الاساسي للفرد الذي لم ينتظم بعد في مجتمع من المجتمعات فيؤثر ويتأثر سلبا وايجابا.
اما ثانيهما فهو العقل وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أول ما خلق الله العقل ." و أن الله عز وجل لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبر فأدبر ، فقال تعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أكرم علي منك ، بك أثيب وبك أعاقب ، وبك آخذ وبك أعطيويتفق التفسير الديني لحركة الانسان وبداية تكوينة المجتمعات البشريه الى حد ما مع هذا التفسير غاية الامر انه يختلف معه في تعميم مفهوم الوحشية التي كان الانسان يعيشها للجوانب المادية والمعنوية فنحن قد نتفهم كون الوسائل الاولى التي كان يتبعها الانسان للتعامل مع الطبيعة وموجوداتها كانت بدائية تماما الى الحد التي قد توصف بانها وحشية بهذا اللحاظ بيد اننا لانوافق على ان هذا الوصف ينجر حتى على الحالة المعنوية والاخلاقية باعتبار ان الانسان لم يخل في مرحلة من مراحلة سيرته الدنيوية من هاد سواء كان هذا الهادي من مقوماته الذاتية المرتبطة بالفطرة والعقل او خارجا عن مقومات الذاتية كما في الانبياء والرسل.
لقد مر الانسان بنمطين من الحياة كان عنصر الانا والحالة الفردية هي الغالبة على النمط الاول بينما كان النزوع نحو الاجتماع وتأكيد الاواصر الاجتماعية هو الطاغي على الحالة الثانية وفي كلا النمطين علينا ان نتسائل عن طبيعة الاخلاق التي كان الانسان يتحلى بها؟؟ وعن مصدرها الذي اليه تستند؟؟
يعود النمط الاول من الحياة الى الحالة الاولى للانسان قبل تكوين المجتمعات وبالتالي ظهور الاديان ورسم التشريعات الالهية والوضعية وتؤكد المستندات الدينية ان الحاكم الاساسي للانسان والموجه الرئيسي في هذه المرحلة هما امران رئيسان يتحدد اولهما بما يعرف في الثقافة الاسلامية بالفطرة التي فطر الله الانسان عليها بعد ان ركب في نفسه القدرة على تشخيص الخير من الشر والصلاح من الفساد وذلك بالهام فطري (ونفس وماسواها فالهما فجورها وتقواها), وقد قيل ان الامور المرتبطة بالفطرة وبحكم كونها من صميم الانسان وذاتياته( فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله) اقول: قيل انها ليست بحاجة الى تعليم وتعلم وهكذا غير قابلة للتغيير والتبدل فضلا عن توفرها في كل افراد النوع الانساني بيد انها قابلة للشدة والضعف تبعا للمؤثرات البيئية والثقافية والتربوي وغيرها واذا عرفنا ان الاحكام الفطرية غير قابلة للانسلاخ من الذات الانسانية لانها من صميم خلق الانسان واذا عرفنا ايضا ان كل المؤثرات التي تؤدي الى ٌٍٍُِِاضعاف هذه الاحكام من ملابسات ذكرناها قبل قليل انما يمكن فرضها في حال تكوين المجتمعات البشرية امكننا ان نعرف ان الفطرة هي الموجه الاساسي للفرد الذي لم ينتظم بعد في مجتمع من المجتمعات فيؤثر ويتأثر سلبا وايجابا.
ويرى كثير من الفلاسفة ان العقل قادر على تمييز الاشياء الحسنة من السيئة بعد إن نعرف ان الأفعال الخلقية هي الأفعال التي يكون الحسن ذاتياً لها وفي قبالها الأفعال غير الخلقية وهي ما يكون القبح فيها ذاتياً، ومن هنا اعتقد الكثير أن عقل الإنسان يدرك الحسن الذاتي للأفعال الخلقية والقبح الذاتي للأفعال غير الخلقية، فكانوا يقولون مثلاً: إن العقل لدى كل شخص يدرك أن الصدق حسن في ذاته وجميل، وأن الكذب قبيح بذاته, وقد ورد ان الفيلسوف الهولندي جروتيوس قال ما معناه: إن المبادئ الأخلاقية طبيعية وحتمية بذاتها، والله سبحانه يأمر بها لأنها كذلك، ولا يمكن أن يجعل الله ما هو شر بذاته ليس شراً تماماً كما لا يمكن أن يجعل ضعف الاثنين ثلاثاً أو خمساً, وعلى هذا الاساس انكرو الفكرة السائدة منذ عهد السفسطائيين من ان القوانين الإنسانية نسبية تختلف باختلاف الشعوب فقد بين منتسكيو في كتابه روح القوانين أن الظواهر الإنسانية تشريعية كانت أم سياسية أم اقتصادية تخضع لقوانين وقواعد ثابتة تقتضيها طبائع الأشياء.
والجدير بالذكر ان كثيرا من الفلاسفة يذهبون مذهبا يقترب من تفسير الدين لظهور الاخلاق قبل مرحلة المجتمع وتحديدا دخالة عامل الفطرة في ذلك فهم يرون ان الأخلاق عبارةٌ عن سلسلة من الاُمور الوجدانيّة غير البرهانيّة، أي أنّها تُدرك بدون حاجة إلى منطق و استدلال، فمثلاً الإنسان يدرك أنّ العدل حسنٌ، و الظّلم قبيحٌ، و يُشخّص أنّ الإيثار و الشّجاعة أمران جيّدان، الأنانيّة و الظّلم و البخل اُمورٌ قبيحةٌ، و لا يحتاج في إدراك هذا المعنى، إلى إستدلال عقلي من خلال دراسة تأثير هذه الأفعال و السّلوكيات في واقع الفرد والمجتمع.
وقد كان(كانت) يرى ان وجدان الانسان يملي عليه سلسلة من التكاليف الاخلاقية وان الانسان يتحرك لامتثال هذه الامور الاخلاقية تبعا للتكليف الذي يراه نابعا من الوجدان.
الانسان والمجتمع
تتحد جميع النظريات التي حاولت البحث في اسباب ظهور المجتمع البشري على نقطة محورية واحدة وهي ان الانسان لايمكن ان يعيش حالة الانفراد والعزلة بل هو مضطر للتخلي عن انعزاليته وفرديته والاتجاه صوب بناء المجتمعات البشرية رغم ان هذه النظريات تختلف فيما بينها في الدافع الذي يمكن اين يكون سببا اساسيا في تعليل اقدام الانسان على العيش مع ابناء جنسه الا ان الشيئ المعلوم بالتجربة هو ان الانسان موجود ساع وبقوة نحو التكامل سواء كان في بعده المادي ام المعنوي وان لديه ميزة اساسية عن بقية الموجودات تكمن في سعة حاجاته وتشعبها ويكفينا نظرة واحدة مقارنة بين حاجاتنا وحاجات غيرنا من الموجودات الاخرى للوصول الى هذه النتيجة الواضحة والنقطة الجديرة بالاشارة هي ان معظم مايحتاجه الانسان غير متوفر في الطبيعة بصورة جاهزة وانما يحتاج الى ان يجري تغيرات اساسية للاستفادة من المادة الموجودة في الطبيعة بصورة خام ومادة اولية في الاعم الاغلب .
لقد وجد الانسان سواء بحسابات عقلية مبسطة او بالتجربة انه لايتكمن من توفير جميع احتياجاته بصورة فردية وانه لابد له من الالتئام مع غيره من افراد البشر كي يستطيع ان يلبي متطلباته ومن هنا لابد من توزيع الاختصاصات فلابد ان يكون احد الافراد نجارا والاخر خبازا والثالث بناء والرابع طبيبا والخامس معلما والسادس خياطا وهكذا وهذه ضرورة املتها عدم قدرة الانسان وحده على ممارسة هذه الامور والقيام بهذه الافعال بصورة منفرده لذلك اضطر ان يترك حالته الفردية وينظم الى الاخرين لاشباع مايحتاجه وتلبية متطلباته لذا ورد عن ارسطو قوله في هذا الصدد: ((وأي شخص لا يحتاج إلى غيره من الناس فهو إما إله وأما وحش)). .
النقطة التي ينبغي ألا تفوتنا ونحن في صدد الحديث عن الدوافع الانسانية نحو الاجتماع هو ان الانسان يرغب في توظيف الاشياء لخدمته ولمنفعته ويرغب في بسط سيطرته على الاخرين وتحكيم قدرته لتسخيرهم بدرجة انه لايعرف حدا معينا لهذه الرغبة الجامحة , واللافت ان جميع افراد البشر يحملون هذه الرغبة ومن هنا صارت هذه الرغبة دافعا اساسيا لافراد الانسان للاجتماع في مجتمع واحد كي يضمنوا تلبية احتياجاتهم عن طريق استخدام بعضهم البعض الاخر غاية الامر انهم احتاجوا الى مقيدات ومحددات تلعب دورا اساسيا في كبح جماح رغبة استخدام الاخرين وتسخيرهم فكان الوازع الداخلي المتمثل بالدين والاخلاق والوازع الخارجي المتمثل بالقانون والحكومة ابرز المحددات التي حالت دون اسراف الانسان في تسخير ابناء جنسه وخدمته.
لقد وجد الانسان سواء بحسابات عقلية مبسطة او بالتجربة انه لايتكمن من توفير جميع احتياجاته بصورة فردية وانه لابد له من الالتئام مع غيره من افراد البشر كي يستطيع ان يلبي متطلباته ومن هنا لابد من توزيع الاختصاصات فلابد ان يكون احد الافراد نجارا والاخر خبازا والثالث بناء والرابع طبيبا والخامس معلما والسادس خياطا وهكذا وهذه ضرورة املتها عدم قدرة الانسان وحده على ممارسة هذه الامور والقيام بهذه الافعال بصورة منفرده لذلك اضطر ان يترك حالته الفردية وينظم الى الاخرين لاشباع مايحتاجه وتلبية متطلباته لذا ورد عن ارسطو قوله في هذا الصدد: ((وأي شخص لا يحتاج إلى غيره من الناس فهو إما إله وأما وحش)). .
النقطة التي ينبغي ألا تفوتنا ونحن في صدد الحديث عن الدوافع الانسانية نحو الاجتماع هو ان الانسان يرغب في توظيف الاشياء لخدمته ولمنفعته ويرغب في بسط سيطرته على الاخرين وتحكيم قدرته لتسخيرهم بدرجة انه لايعرف حدا معينا لهذه الرغبة الجامحة , واللافت ان جميع افراد البشر يحملون هذه الرغبة ومن هنا صارت هذه الرغبة دافعا اساسيا لافراد الانسان للاجتماع في مجتمع واحد كي يضمنوا تلبية احتياجاتهم عن طريق استخدام بعضهم البعض الاخر غاية الامر انهم احتاجوا الى مقيدات ومحددات تلعب دورا اساسيا في كبح جماح رغبة استخدام الاخرين وتسخيرهم فكان الوازع الداخلي المتمثل بالدين والاخلاق والوازع الخارجي المتمثل بالقانون والحكومة ابرز المحددات التي حالت دون اسراف الانسان في تسخير ابناء جنسه وخدمته.
من خلال هذا السرد الموجز لمفردة ظهور المجتمع البشري والذي حاولنا ان ندك فيه اكثر من نظرية عالجت اسباب صيرورة المجتمع وخروجه من العدم الى الوجود نحاول ان نسجل هنا اكثر من ملاحظة:
الملاحظة الاولى: ان الاصل الاولي للانسان يقتضي ان يكون ذا طبع فردي انعزالي وان الاجتماع مع الاخرين عارض وطارئ عليه اي انه اجتماعي بحسب طبعه الثانوي.
الملاحظة الثانية: ان ظهور المجتمع الى النور يؤدي الى نشوء جملة من المفاهيم والقيم كالرئاسة والمرؤسية والملكية والزوجية وغيرها من مقررات اجتماعية جاءت لتنظيم حياة الفرد الاجتماعية بحيث لولا حالة اجتماع الانسان مع ابناء جنسه لما كان لهذه المفاهيم وتلك القيم عين ولاأثر.
الملاحظة الثالثة: ظهور الاخلاق الاجتماعية فان هذا الاجتماع يفرض نوعا جديدا من الاخلاق لم يكن معروفا قبل وجود المجتمع وربما غالى البعض فاعتقد ان منشأ ظهور الاخلاق كلها انما هو حالة الاجتماع البشري بنحو ان ليس وراء المجتمع للاخلاق اسم ولارسم, وهذا ماسنشير اليه في عنوان مستقل.
الملاحظة الرابعة: ان ابرز ملامح الحالة الاجتماعية هو ظهور التناقضات والصدامات الحتمية في المجتمع البشري بعد ان قلنا ان حاجات الانسان واسعة جدا وهو تبعا لذلك يمتلك طموحا قويا ورغبة جامحة في تسخير الاخرين والاستفاده منهم من اجل تلبية احتياجاته وان مايريده الانسان من الاخر من ابناء جنسه موجود عند الجميع بنفس القوة والكيفية فاذا التفتنا الى محدودية الموارد الطبيعية التي يمكن ان ترفع احتياج الكل سهل علينا ان نفهم العامل الاساسي وراء ظهور الاختلاف والتناقض حد ظهور الحروب والقتتال لذا احتاج الانسان الى رفع هذا الاختلاف والى تحديد الطموح البشري في الاستغلال فكان ان ظهر القانون والحكومات فضلا عن الاخلاق وهدف الجميع دفع الانسان للتنازل عن بعض حقوقه للاخرين من اجل تلبية البعض الاخر من هذه الحقوق من قبل الاخرين.
الاخلاق الفردية والاجتماعية
يعتقد البعض ان الاخلاق على مستوى الاسس والمنطلقات انما تتولد مع المجتمع وتدور مداره وجودا وعدما وبالتالي فان اي اخلاق قبل مرحلة تكوين المجتمع لااثر لها وقالوا ان الانسان لو عاش مستقلا عن ابناء جنسه فلن يكون هناك اي مفهوم للاخلاق وهم اذ يطرحون هذا التصور عن العلاقة بين المجتمع والاخلاق يضعون نصب اعينهم جملة من المفاهيم والقيم الاخلاقية التي لايمكن تصورها مع فرض عدم وجود مجتمع او علاقات اجتماعية بين افراده لان الحسد والتواضع والكبر وحسن الظن والعدالة والجور والعفة والكرم كلها من المسائل التي تكون وليدة المجتمع وثمرة من ثمار تعامل الناس مع بعضهم البعض وعليه يجب ان تكون متقومة بوجود الحالة الاجتماعية.
والصحيح ان هذا التصور ليس تصورا مطلقا ودائميا فلااحد ينكر ان كثيرا من الفضائل والرذاثل الاخلاقية مرتبطة ارتباطا مباشرة بالحياة الاجتماعية بدرجة اننا لايمكن ان نتصور وجودها لولا هذه الحياة الا ان هذا لايعني عدم وجود اخلاق وقيم ذات مسحة فردية تصدق على الانسان سواء عاش حالة العزلة والانفراد ام حالة التواصل والاجتماع لان مفاهيم وقيما من امثال الصبر والجزع والشجاعة والخوف وغيرها من الصفات النفسانية وهكذا الغفلة والشعور تجاه الخالق الكريم والشكر والكفران لنعمه التي لاتحصى كلها امور يعيشها الانسان ويتحلى بها مع وجود المجتمع او عدم وجوده.
يعتقد البعض ان الاخلاق على مستوى الاسس والمنطلقات انما تتولد مع المجتمع وتدور مداره وجودا وعدما وبالتالي فان اي اخلاق قبل مرحلة تكوين المجتمع لااثر لها وقالوا ان الانسان لو عاش مستقلا عن ابناء جنسه فلن يكون هناك اي مفهوم للاخلاق وهم اذ يطرحون هذا التصور عن العلاقة بين المجتمع والاخلاق يضعون نصب اعينهم جملة من المفاهيم والقيم الاخلاقية التي لايمكن تصورها مع فرض عدم وجود مجتمع او علاقات اجتماعية بين افراده لان الحسد والتواضع والكبر وحسن الظن والعدالة والجور والعفة والكرم كلها من المسائل التي تكون وليدة المجتمع وثمرة من ثمار تعامل الناس مع بعضهم البعض وعليه يجب ان تكون متقومة بوجود الحالة الاجتماعية.
والصحيح ان هذا التصور ليس تصورا مطلقا ودائميا فلااحد ينكر ان كثيرا من الفضائل والرذاثل الاخلاقية مرتبطة ارتباطا مباشرة بالحياة الاجتماعية بدرجة اننا لايمكن ان نتصور وجودها لولا هذه الحياة الا ان هذا لايعني عدم وجود اخلاق وقيم ذات مسحة فردية تصدق على الانسان سواء عاش حالة العزلة والانفراد ام حالة التواصل والاجتماع لان مفاهيم وقيما من امثال الصبر والجزع والشجاعة والخوف وغيرها من الصفات النفسانية وهكذا الغفلة والشعور تجاه الخالق الكريم والشكر والكفران لنعمه التي لاتحصى كلها امور يعيشها الانسان ويتحلى بها مع وجود المجتمع او عدم وجوده.
مايقدمه الدين للاخلاق
لكي نفهم الدور المحوري للدين في تفعيل القيم الاخلاقية لابد ان نقول اننا ذكرنا قبل قليل ان ظهور القوانين والشرائع انما هو وليد حالة الاختلاف والصدام بين ابناء البشر وان مهمة هذه القوانيين وتلك الشرائع يتحدد في دفع الانسان للتنازل عن بعض حقوقه للاخرين من اجل ان يضمن تلبية حقوقه الاخرى ولنا ان نتسائل الان عن الدافع الذي يمكن ان يكون محورا اساسيا في دفع الانسان نحو التنازل عن جملة من حقوقه للاخرين؟؟ لقد قلنا ان الانسان يسعى نحو التكامل المادي والمعنوي بقوة وهو بالتالي يريد استغلال كل شي موجود في الطبيعة من انسان وحيوان وجماد في سبيل هذه الغاية ويرى ان هذا حق طبيعي له ولامبرر للتنازل عنه باي حال من الاحوال ومن هنا فلماذا يتنازل اذن؟؟؟
لقد ذكرنا سابقا ان لابد للانسان من التنازل عن بعض حقوقه للاخرين كي يأخذ قبالها جملة من الحقوق وان الذي ينظم هذا هو القانون غير ان التساؤل الرئيسي يكمن في مدى قدرة القانون في دفع الانسان نحو هذا التنازل لاسيما وان مساحته تقتصر على الدائرة الظاهرية المحسوسة اولا ويمكن للانسان ان ينفذ منه بالف حيلة وحيلة ثانيا فضلا عن كون الانسان مجبرا على الخضوع اليه ثالثا؟؟
يرى (رسو) ان النظام في الحياة الاجتماعية انما هو نظام قهري يكره فيه الانسان على الخضوع لنمط معين من القيم والاعراف ولايمكن القول انه هو النظام الافضل للانسان,بينما يرى فرويد ان الانسان في طبيعته غير مؤدب وان لديه كثيرا من الرغبات المقيدة بقيود الاداب الدينية والاجتماعية وان هذه القيود وليدة حاجة الانسان للاجتماع مع الاخرين وانها قد تملي اشياء على خلاف حالة الانسان الاولى وحريته الفطرية.
من هنا يتضح ان السمة الاولية البارزة في الانسان هي الميل نحو التحلل من القيود والاعراف والمحددات القانونية التي يرى نفسه مكرها على الخضوع لها رغم انها تخالف حالته الطبيعية الاولى وعلى هذا الاساس يطرح التساؤل الاتي :اذا كانت هذه المقررات والقيم القانونية على خلاف طبع الانسان وانها محددة لحريتة الطبيعية فلماذا يرى الانسان نفسه ملزما بتطبيق مقرراتها في الحالة التي يمكن ان يفلت من تبعاتها ويشبع احتياجاته كلها دون ان يتنازل عن جزء ولو يسير من حقوقه؟؟؟؟
لقد ذكر القران الكريم ان مرحلة الاختلاف البشري والتناقض المصلحي هو الذي اوجب ارسال الرسل وانزال الكتب السماوية(كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) ومن هنا يفهم ان علاج هذا التناقض وحل هذا الاختلاف انما يكمن في القانون السماوي على تفصيل طويل ليس هنا محله بيد اننا نشير اجمالا الى الكيفية التي يتمكن بها الدين من ذلك؟؟؟ وما علاقة هذا بالاخلاق؟؟
ان مساحة الدين الالهي اوسع من مساحة القانون الوضعي بعد كون الدين يمتد الى اعماق الانسان ويتحكم في حركاته وسكناته, ظاهره وباطنه, فضلا عن انه يخلق دافعا ذاتيا لدى الانسان للالتزام بالمقررات والقيم والمفاهيم التي ينص عليه أويؤيدها من دون ان يكون هناك اي حاجة الى ضغط او اكراه من احد بعد عدم وجود سلطة او اطلاع لاي احد على دوافع الانسان الباطنية, وبهذا يمكن الاجابة عن التساؤل الاساسي حول الدافع الذي يدفع الانسان مطيعا لامكرها للتنازل عن حقوقه وامتيازاته؟؟
ان الجواب يكمن في الدين اما كيف يكون هذا فهو يكون عن طريقين نذكر احدهما ويتلخص في جعل الخسارة العاجلة التي يشعر بها الانسان في حال التنازل عن بعض حقوقه ربحا حقيقيا في نهاية المطاف عبر حالة استشعار الامتداد الاخروي وان كل تنازل مهما كان صغير او دقيقا فان الانسان سيجزى عليه خير الجزاء واوفاه وبالتالي فهو لايتنازل مقابل لاشيئ:(من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها),,(من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب),,(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره),,(ذلك انهم لايصبهم ظمأ ولانصب ولامخمصة في سبيل الله ولايطؤون موطئا يغيظ الكفار ولاينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لايضيع اجر المحسنين ولاينفقون نفقة صغيرة ولاكبيرة ولايقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم احسن الذي كانوا يعملون).
اما علاقة هذا بالاخلاق فنذكر وباختصار ان الدين في هذه المسألة يضع للناس مقياسا خلقيا جديدا يختلف عن المقياس السابق فبعد ان كان المقياس السابق هو تحقيق المصالح الذاتية اصبح الان هو السعي لرضا الله تعالى.
لكي نفهم الدور المحوري للدين في تفعيل القيم الاخلاقية لابد ان نقول اننا ذكرنا قبل قليل ان ظهور القوانين والشرائع انما هو وليد حالة الاختلاف والصدام بين ابناء البشر وان مهمة هذه القوانيين وتلك الشرائع يتحدد في دفع الانسان للتنازل عن بعض حقوقه للاخرين من اجل ان يضمن تلبية حقوقه الاخرى ولنا ان نتسائل الان عن الدافع الذي يمكن ان يكون محورا اساسيا في دفع الانسان نحو التنازل عن جملة من حقوقه للاخرين؟؟ لقد قلنا ان الانسان يسعى نحو التكامل المادي والمعنوي بقوة وهو بالتالي يريد استغلال كل شي موجود في الطبيعة من انسان وحيوان وجماد في سبيل هذه الغاية ويرى ان هذا حق طبيعي له ولامبرر للتنازل عنه باي حال من الاحوال ومن هنا فلماذا يتنازل اذن؟؟؟
لقد ذكرنا سابقا ان لابد للانسان من التنازل عن بعض حقوقه للاخرين كي يأخذ قبالها جملة من الحقوق وان الذي ينظم هذا هو القانون غير ان التساؤل الرئيسي يكمن في مدى قدرة القانون في دفع الانسان نحو هذا التنازل لاسيما وان مساحته تقتصر على الدائرة الظاهرية المحسوسة اولا ويمكن للانسان ان ينفذ منه بالف حيلة وحيلة ثانيا فضلا عن كون الانسان مجبرا على الخضوع اليه ثالثا؟؟
يرى (رسو) ان النظام في الحياة الاجتماعية انما هو نظام قهري يكره فيه الانسان على الخضوع لنمط معين من القيم والاعراف ولايمكن القول انه هو النظام الافضل للانسان,بينما يرى فرويد ان الانسان في طبيعته غير مؤدب وان لديه كثيرا من الرغبات المقيدة بقيود الاداب الدينية والاجتماعية وان هذه القيود وليدة حاجة الانسان للاجتماع مع الاخرين وانها قد تملي اشياء على خلاف حالة الانسان الاولى وحريته الفطرية.
من هنا يتضح ان السمة الاولية البارزة في الانسان هي الميل نحو التحلل من القيود والاعراف والمحددات القانونية التي يرى نفسه مكرها على الخضوع لها رغم انها تخالف حالته الطبيعية الاولى وعلى هذا الاساس يطرح التساؤل الاتي :اذا كانت هذه المقررات والقيم القانونية على خلاف طبع الانسان وانها محددة لحريتة الطبيعية فلماذا يرى الانسان نفسه ملزما بتطبيق مقرراتها في الحالة التي يمكن ان يفلت من تبعاتها ويشبع احتياجاته كلها دون ان يتنازل عن جزء ولو يسير من حقوقه؟؟؟؟
لقد ذكر القران الكريم ان مرحلة الاختلاف البشري والتناقض المصلحي هو الذي اوجب ارسال الرسل وانزال الكتب السماوية(كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) ومن هنا يفهم ان علاج هذا التناقض وحل هذا الاختلاف انما يكمن في القانون السماوي على تفصيل طويل ليس هنا محله بيد اننا نشير اجمالا الى الكيفية التي يتمكن بها الدين من ذلك؟؟؟ وما علاقة هذا بالاخلاق؟؟
ان مساحة الدين الالهي اوسع من مساحة القانون الوضعي بعد كون الدين يمتد الى اعماق الانسان ويتحكم في حركاته وسكناته, ظاهره وباطنه, فضلا عن انه يخلق دافعا ذاتيا لدى الانسان للالتزام بالمقررات والقيم والمفاهيم التي ينص عليه أويؤيدها من دون ان يكون هناك اي حاجة الى ضغط او اكراه من احد بعد عدم وجود سلطة او اطلاع لاي احد على دوافع الانسان الباطنية, وبهذا يمكن الاجابة عن التساؤل الاساسي حول الدافع الذي يدفع الانسان مطيعا لامكرها للتنازل عن حقوقه وامتيازاته؟؟
ان الجواب يكمن في الدين اما كيف يكون هذا فهو يكون عن طريقين نذكر احدهما ويتلخص في جعل الخسارة العاجلة التي يشعر بها الانسان في حال التنازل عن بعض حقوقه ربحا حقيقيا في نهاية المطاف عبر حالة استشعار الامتداد الاخروي وان كل تنازل مهما كان صغير او دقيقا فان الانسان سيجزى عليه خير الجزاء واوفاه وبالتالي فهو لايتنازل مقابل لاشيئ:(من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها),,(من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب),,(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره),,(ذلك انهم لايصبهم ظمأ ولانصب ولامخمصة في سبيل الله ولايطؤون موطئا يغيظ الكفار ولاينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لايضيع اجر المحسنين ولاينفقون نفقة صغيرة ولاكبيرة ولايقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم احسن الذي كانوا يعملون).
اما علاقة هذا بالاخلاق فنذكر وباختصار ان الدين في هذه المسألة يضع للناس مقياسا خلقيا جديدا يختلف عن المقياس السابق فبعد ان كان المقياس السابق هو تحقيق المصالح الذاتية اصبح الان هو السعي لرضا الله تعالى.
بعد ان نتجاوز هذا المسألة نقول ان كثيرا من القيم والرذائل الاخلاقية التي تنمو في الحياة الاجتماعية من قبيل العدل والظلم مثلا والتي يحكم بها العقل في رتبة سابقة على الدين، إذا ورد تأييد من الشّرع لما حكم به العقل، فإنّ ذلك سيكون عاملاً مهماً في ترسيخ هذه المفاهيم في عالم الوجدان، و ترجمتها على مستوى الممارسة والعملفعلا او تركا.
ان الدين مصدر رئيسي لذلك النوع من الاخلاق التي لايستطيع العقل والوجدان البشري الوصول اليها وعلى هذا جاءت كثير من التشريعات التي لايمكن للعقل والوجدان ان يكونا مصدرا تشريعيا فيها فضلا من ان للدين منهجا خاصا في علاج الكثير من الرذائل الاخلاقية وازلت اسبابها وتأثيراتها من الفرد والمجتمع , وبكلمة جامعة يشير بعض الباحثين الى دور الدين المهم في تطبيق الاخلاق وتفعيلها قائلا: هل يمكن للأخلاق أن توجد بلا دين أم لا؟ وان أمكن أن يكون لها وجود فسيكون الدين مؤيداً لها ودعاُمة وسنداً؟؟، ورأي البعض (حتى الغربيون) أن الأخلاق لا يمكن لها أن تستقر دون الدين، يقول الكاتب الروسي (دستويفسكي): "لو لم يكن الله موجوداً لأبيح كل شيء" مراده أنه سوف لا يكون هناك أي شيء يمنع الإنسان من أن يرتكب العمل المنافي للخلقأوضحت التجربة أنه في الموضع الذي يفرق فيه بين الدين والأخلاق تكون الأخلاق متأخرة جداً، ولم ينجح أي من المذاهب الخلقية اللادينية في برنامجه، وان القدر المسلم به هو أن الدين في الأقل ضروري لأن يكون دعاُمة للأخلاق الإنسانية، من هنا يرتفع الهتاف بتعابير مختلفة، إن البشر مهما تقدم في الصناعات وصنع الحضارة، فإنه قد تأخر في الأخلاق، لماذا؟ لأنه لم يكن وجود للمذاهب الخلقية، فإن المذاهب الخلقية القديمة لم تكن سوى اعتقادات وبمقدار ما يضعف الدين والإيمان، تضعف الأخلاق، من هنا يجب أن نعير قيمة عالية للإيمان إن قلنا في الأقل: إنه لدعاُمة الأخلاق ـ ولم نقل: إنه الضامن والمتكفل الوحيد لتطبيقها
.
وهذا الكلام ليس صحيحاً على المبنى الذي ذكرناه، فإن العفة بعنوانها حالة نفسية معناها: انصياع القوة الشهوانية لسلطان العقل والإيمان، وعدم الخضوع لقوة الشهوة.
الدين ونسبية الاخلاق
تحت هذا العنوان يطرح التساؤل القائل هل ان الاخلاق ذات ابعاد مطلقة وثابتة تتجاوز الزمان والمكان ام انها لاتعدو كونها صفات نسبية تختلف باختلاف الزمان والمكان والمجتمع وعلى هذا الاساس يمكن ان تكون سجية ما حسنة وجيدة الا انها وتحت ظروف وملابسات جديدة يمكن ان تكون سيئة وقبيحة؟؟؟؟
ترى جملة من الفلسفات: أن الأخلاق ليست ذاتية،بل هي مجرد شعور يتسرب إلى الإنسان من التربية والمحيط دون أن يعتمد على شيء من الواقع، ومن هنا تنوعت القيم الأخلاقية تبعاً لاختلاف الأمم والشعوب والأزمنة والأمكنة، فما تراه أمة خيراً تراه ثانية شراً، وما يُعد في هذا الزمان مباحاً كان بالأمس محظورا .
.
.
لقد راينا قبل قليل ان القول بذاتية الاخلاق وشموليتها ليس قولا يختص باتباع الاديان بل هو امر تعدى حتى الى اصحاب الفكر الجديد والقديم وبالتالي فان النزاع في هذه المسألة لايمكن ان ينحصر في دائرة المتدينين وغيرهم حتى يقال ان المتدينين يؤمنون بضوابط غيبة ثابتة وصارمة بل يتعدى الامر الى ماهو اوسع خصوصا وان هذه القضية قد طرحت ومنذ زمن متناه في القدم بعد ان رأينا ان السفسطائيين قد القوا بدلوهم في فذلكة هذه المسالة.
يرى المفكر الاسلامي الايراني الشهيد مطهري ضرورة التفريق مابين الاخلاق والسلوك فهو يقول ان الأخلاق هي عبارة عن مجموعة من الخصال والسجايا والملكات المكتسبة يرتضيها الإنسان بوصفها قواعد خلقية، وبعبارة أخرى هي قالب روحي للإنسان، تصهر روح الإنسان في ذلك القالب الذي هو أمر مطلق وعام ودائم، إلا أن سلوك الإنسان الذي هو عبارة عن تطبيق تلك الروحيات في الخارج يختلف تبعاً للظروف المختلفة، وبعبارة أخرى: ان مظاهر الأخلاق الإنسانية وتجلياتها تختلف باختلاف الظروف، ففي ظرف ينبغي أن يكون نفس الإنسان في مكان ما بشكل وفي مكان آخر يكون له شكل آخر، فهناك فرق كبير بين أن نقول: إن الإنسان نفسه يتغير بتغير العصور والأمكنة، وبين أن نقول: إنه يمكن أن تكون للإنسان قابلية عالية وسامية في المحافظة على أصالته، ولكن تختلف فيه مظاهره السلوكية باختلاف الأزمنة والظروف المختلفة.
ويشدد الشهيد مطهري ايضا على انه ينبغي عدم الخلط بين كون الأخلاق مطلقة وكون الفعل الخلقي مطلقاً، أي لا يمكن الاستناد إلى فعل، والقول: إن هذا الفعل خلقي دائماً، كما أنه لا يمكن أن يقال: إن هذا الفعل مناف للأخلاق دائماً، وغلباً ما صار هذا الأمر سبباً لوقوع الكثير في الاشتباه, ويعتقد مطهري ان هذا الخلط بين الاخلاق والفعل الخلقي المحدد قد صار سببا مهما في نفي الاخلاق الثابتة لان القائليين بالنسبية الاخلاقية تصوروا أن اللازم للأخلاق المطلقة والثابتة هو أن علينا منذ البداية أن نصنف الأفعال، وأن نضع جملة منها في طرف ونقول: إن هذه الأعمال أعمال خلقية، ونضع جملة منها في طرف آخر ونقول: إنها ليست خلقية, وينفي الشيخ مطهري هذا التصنيف جملة وتفصيلا قائلا:( ولكن ينبغي أن نقول: كلا، فعلى حد تعبير القدماء: إن الأفعال تختلف بالوجوه والاعتبارات، أي من الممكن أن يكون فعل ما باعتبار خلقياً، وغير خلقي باعتبار آخر، إن كون السلوك مطلقاً أو نسبياً هو غير كون الأخلاق مطلقة أو نسبية، مثلاً: هل صفع اليتيم فعل خلقي وحسن أم هو مناف للخلق وسيئ؟ الجواب: انه لا يمكن الحكم على مطلق صفع اليتيم وبأنه حسن أم لا، فتارة نصفع اليتيم كي نسلبه حقه، وأخرى نضربه حتى يتأدب، فإذن لا يوجد حكم ثابت لصفع اليتيم وكونه سيئاً مطلقاً أو جيداً مطلقاً، بل أحياناً يكون جيداً إذا كان في موضع التأديب، وفي موضع آخر يكون قبيحاً كسرقة ماله أو ابعاده ونفيه أو قهره: (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر((
ويضيف مطهري ان الذين يؤمنون بنسبية الأخلاق يقولون مثلاً: كانت العفة في يوم ما صفة حسنة في المجتمع ـ على مستوى حاجة المجتمع وظرفه ـ لأن الحياة كانت حياة فلاحية وكان مقتضى حياة الفلاحة أن تكون العوائل مستقلة ومنفصلة عن بعضها الآخر، هذا ما كانت تقتضيه المصلحة، ولذا كان من المستحسن التأكيد على تأصيل العفة، ولكن بعد ذلك ظهرت الحياة الآلية وجرت المرأة في خضم المجتمع وداخل المعامل، فالعفاف كان يوماً ما خصلة جيدة، وأما الآن فانه ليس كذلك. يرى المفكر الاسلامي الايراني الشهيد مطهري ضرورة التفريق مابين الاخلاق والسلوك فهو يقول ان الأخلاق هي عبارة عن مجموعة من الخصال والسجايا والملكات المكتسبة يرتضيها الإنسان بوصفها قواعد خلقية، وبعبارة أخرى هي قالب روحي للإنسان، تصهر روح الإنسان في ذلك القالب الذي هو أمر مطلق وعام ودائم، إلا أن سلوك الإنسان الذي هو عبارة عن تطبيق تلك الروحيات في الخارج يختلف تبعاً للظروف المختلفة، وبعبارة أخرى: ان مظاهر الأخلاق الإنسانية وتجلياتها تختلف باختلاف الظروف، ففي ظرف ينبغي أن يكون نفس الإنسان في مكان ما بشكل وفي مكان آخر يكون له شكل آخر، فهناك فرق كبير بين أن نقول: إن الإنسان نفسه يتغير بتغير العصور والأمكنة، وبين أن نقول: إنه يمكن أن تكون للإنسان قابلية عالية وسامية في المحافظة على أصالته، ولكن تختلف فيه مظاهره السلوكية باختلاف الأزمنة والظروف المختلفة.
ويشدد الشهيد مطهري ايضا على انه ينبغي عدم الخلط بين كون الأخلاق مطلقة وكون الفعل الخلقي مطلقاً، أي لا يمكن الاستناد إلى فعل، والقول: إن هذا الفعل خلقي دائماً، كما أنه لا يمكن أن يقال: إن هذا الفعل مناف للأخلاق دائماً، وغلباً ما صار هذا الأمر سبباً لوقوع الكثير في الاشتباه, ويعتقد مطهري ان هذا الخلط بين الاخلاق والفعل الخلقي المحدد قد صار سببا مهما في نفي الاخلاق الثابتة لان القائليين بالنسبية الاخلاقية تصوروا أن اللازم للأخلاق المطلقة والثابتة هو أن علينا منذ البداية أن نصنف الأفعال، وأن نضع جملة منها في طرف ونقول: إن هذه الأعمال أعمال خلقية، ونضع جملة منها في طرف آخر ونقول: إنها ليست خلقية, وينفي الشيخ مطهري هذا التصنيف جملة وتفصيلا قائلا:( ولكن ينبغي أن نقول: كلا، فعلى حد تعبير القدماء: إن الأفعال تختلف بالوجوه والاعتبارات، أي من الممكن أن يكون فعل ما باعتبار خلقياً، وغير خلقي باعتبار آخر، إن كون السلوك مطلقاً أو نسبياً هو غير كون الأخلاق مطلقة أو نسبية، مثلاً: هل صفع اليتيم فعل خلقي وحسن أم هو مناف للخلق وسيئ؟ الجواب: انه لا يمكن الحكم على مطلق صفع اليتيم وبأنه حسن أم لا، فتارة نصفع اليتيم كي نسلبه حقه، وأخرى نضربه حتى يتأدب، فإذن لا يوجد حكم ثابت لصفع اليتيم وكونه سيئاً مطلقاً أو جيداً مطلقاً، بل أحياناً يكون جيداً إذا كان في موضع التأديب، وفي موضع آخر يكون قبيحاً كسرقة ماله أو ابعاده ونفيه أو قهره: (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر((
وهذا الكلام ليس صحيحاً على المبنى الذي ذكرناه، فإن العفة بعنوانها حالة نفسية معناها: انصياع القوة الشهوانية لسلطان العقل والإيمان، وعدم الخضوع لقوة الشهوة.
فإذن العفة جيدة في جميع الأحوال، نعم لا مانع من اختلاف ذلك الفعل الذي نسميه خلقياً، لكن ليس بالمقياس الذي يقول به هؤلاء، ففي هذا المقياس لا يختلف الحال أبداً، مثلاً في الأمثلة الفقهية المعروفة، يقولون: امرأة مريضة وبحاجة إلى طبيبة، ولا توجد طبيبة، ولابد للطبيب أن يمسَّ جسدها والمفروض أن حياتها في خطر، ففي هذه الصورة تجوز مراجعة الطبيب، إن لمس المرأة والنظر إلى جسدها من قبل الأجنبي أمر مخالف للعفة، ولكن هذا الفعل يفقد جنبته غير الخلقية في ظل ظروف استثنائية، ولكن هنا شيء آخر غير كون العفة بذاتها تفقد قيمتها كخصلة وسجية، وإنما تبقى قيمتها محفوظة، وإنما الذي يتغير هي الحالة أو الفعل
.
والنتيجة التي نخلص اليها من هذا كله هي ان الاخلاق بما هي سجايا وخصال روحية تمثل قوالب ثابتة لايمكن ان تتغير تبعا لتغير الظروف والعوامل المحيطة بالانسان بيد ان الافعال الخلقية بما هي سلوكيات وتطبيقات لتلك القواعد قد تمر بظروف استثنائية يمكن ان تكون معه هذه الافعال نسبية وعلى هذا فان النسبية لاتقع وصفا للاخلاق بما هي سجايا وخصال وانما من يوصف بها هو الافعال والسلوكيات فقط وبذلك يتضح الجواب عن كيفية التوفيق بين حاجات الانسان المتغيرة والمتجددة وبين الاخلاق والضوابط الغيبة الثابتة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق