تنويه مهم جدًا: الموقع لا يزال في طور الإعداد، ونعتذر عن عدم الترتيب والنقص.

الأحد، فبراير 19، 2012

تفنيد شبهة إله القمر

الكاتب: العلامة المنار

  لا ينقضي عجب العاقل من فعل الكنيسة الحالية خصوصا كنيسة الأقباط المصريين، من التعدي على رسول وشتمه وإلصاق التهم الباطلة به، ومن جملة ما قالوه أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مشرك يعبد اله القمر ويعبد اللات والعزى.

ويستندون في ذلك إلى أمور :

أن كلمة الله ليست هي كلمة (إلوهيم) فإذن هي لا يقصد بها اله الدينيين المسيحي واليهودي فهو يعبد غير الله.

إن قصة الغرانيق تدل على أن الرسول عبد اللات والعزى حين مدحها.

إن اسم مكة يشبه اسم معبد بلقيس الوثني (المقة) في سبأ، فإذن هو يتبع ديانة الوثنين ولم يغيرها.

إن الكعبة التي أمر رسول الله بالتوجه إليها هي معبد اله القمر وفيه بناته الثلاث هو اتبع عبادة الوثنيين، خصوصا وان الكعبة عبارة عن حجارة والأصنام حجارة فإذن النبي يعبد الأصنام.

كثرة ذكر الشيطان وإبليس في القرآن وفي الروايات وهذا يعني تعلق الرسول بإبليس فإذن هو يعبده ويعبد بناته.

هذه أهم دعاواهم في الموضوع.

وكل عاقل لو نظر في هذه الدعاوى المضحكة والأدلة الساقطة فسوف يمجها ويعتبر أن قائلها مصاب بخبال يقيني، ولكن الغريب هو توفير الوهابية لكل ما يريده هؤلاء من تهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

و من يلاحظ استدلالهم يرى عجبا حيث يستدلون بالنقد والنفي على انه إثبات، مثلا يأتونا بكل الآيات النابذة للشرك وللأصنام ويدعون إن مجرد ذكر ذلك يدل على أن الإسلام دين شرك وتعلق بالأصنام، فما تقول لمن يستدل بالنفي على الإثبات؟ أليس المجنون أفضل حالا من هذا؟

من جملة ما يستدلون به حين يأتي ذكر احترام للسيدة مريم أو السيد المسيح عليهما السلام يقولون إذن ثبت بطلان نبوة النبي محمد لأنه مدح القديسين فهو على باطل!

هل رأيتم أعجب من هذا المنطق؟

ثم لماذا هذه الهجمة الشرسة من قبل الكنيسة؟

هل الإسلام تحرش بالكنيسة؟

هل غير المسلمون تقديسهم لعيسى ومريم؟

هل حدثت حرب بين المسيحيين والمسلمين؟

على كل ليس هذا موضوعنا وإنما أردنا أن نشير إشارة عابرة إلى الاعتداءات القذرة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي لا يوجد ما يبررها وإنما هي دفع للحرب المستقبلية والقتال على أساس ديني لإعادة الحروب الصليبية.

   نأتي إلى مناقشة حججهم الغريبة جدا :

  1- لفظ الجلالة أصله ما قبل سومر وبابل، وقد ثبت في الدراسات الأثرية والنقوش القديمة أن اسم الله كان في سومر (آن) ثم تحول إلى (إيل) ثم تحول إلى (إيلاه) انتقل إلى اليهود (إلياهو) والى العرب (ألله) وهو بمعنى الخالق المعبود، وكل دعاواهم انه بمعنى اله القمر كذب في كذب، واله القمر له أسماء معروفة ليس منها كلمة الله مطلقا، وأما (إلوهيم) هي ليست بمعنى لفظ الجلالة وإنما هي نداء لله بمعنى يا (الهي) وهي تقابل (اللهم) في القرآن فهي مذكورة في القرآن وليست كما يذيع الكذابون. فكل استدلالهم تلفيق في تلفيق. وكلمة الله بمعنى المعبود والخالق معروفة عند كل العرب موحدهم ومشركهم ولا يدل استعمال المشرك لهذه اللفظة أنها جزء من الوثنية، كما أن كلمة إلوهيم موجودة في فلسطين في زمن المسيح عند الموحدين والمشركين.



2- قصة الغرانيق قصة كاذبة مدسوسة على الإسلام ومن أثبتها فهو إما جاهل بمقاصد الأمويين الكارهين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو انه منهم، وهذه الرواية أموية بامتياز، وهي إحدى الاعتداءات على رسول الله. ومن يعتمد على أكاذيب بني أمية فهو اقل شأنا منهم.



3- أما اسم مكة وشبهه بـ (المقة) فهو من المضحكات فان اسم مكة في الجزيرة قبل مملكة سبأ، ثم أن مكة أنشئت على يد إبراهيم الخليل عليه السلام، وتكذيب رواد الكنيسة لكونها من صنع إبراهيم هو تكذيب من لا يعلم لا تكذيب من يملك دليلا. وادعائهم بان إبراهيم عليه السلام لم ينزل إلى الحجاز كذب محض، بل لعل فلسطين هي في الحجاز (بالستين) فهم لم يستطيعوا الرد على كتاب كمال صليبي (التوراة جاءت من جزيرة العرب) حيث يدل على أن إبراهيم نزل إلى الجزيرة واستمر إلى ما بعد الطائف والى عسير في منطقة خميس مشيط. وقد ذكر أن نبوخذ نصر حين هجم على اليهود ذكر في وثائقه انه نزل جنوبا ولم يذكر انه ذهب غربا؟؟!! وكلمة مكة أصلها بكة بتغيير الباء إلى ميم، وقد ورد هذا لاسم في القرآن: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ}(آل عمران/97). ومعنى بكة هو: الهلكة أو الأرض المهلكة لانعدام مائها وزرعها، وهذا لا علاقة له من قريب أو بعيد بعبادة إله القمر الوثنية، وفي اللغات السامية ( مكة ) قيل هي مشتقة من (المك) وهو البيت، وقيل هي مشتقة من (ماكرب) أي المقرب إلى الله كما ورد في جغرافية بطليموس وعند بروكلمان، وعلى كل حال فان اللغات العربية والعبرية والسامية بشكل عام فيها مكة وبكة بمعنى الهلكة، وهو مناسب جدا لوضع مدينة مكة حيث كانت ارض خالية من الزرع والماء، وهي تعني الهلاك للبشر : {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}(إبراهيم/37). والوهابية يقولون أن مكة ومقة بمعنى واحد وهذا تسهيل لأعداء رسول الله. ولكن حتى لو ثبت المعنى فيصبح معبد المقة لا علاقة له باله القمر كما يدعون وإنما هو بمعنى الهلاك، وهذا ما يجب أن يفسر، حيث لا معنى لمعبد باسم الهلاك أو المهلك. فيكون كل أبحاثهم بهذا الشأن تلفيق في تلفيق.


4 -وأما قولهم بان الكعبة هي معبد اله القمر وبناته فهذا من أسخف الحجج، فان الادعاء هو عكس ذلك حيث أن مكة هي الأصل في عبادة الله، وإنما اتخذها الوثنيون مقرا لأصنامهم بعد سيطرتهم العسكرية وجهل الناس وميلهم إلى الشرك والوثنية، وقد استخدموا تقديس الناس لهذا المكان المقدس، فالمدعى عكس ما يقولون، ثم ما شأن احتلال المشركين للكعبة بان تتحول إلى مكان يجب نبذه كما يقولون، فان القدس وقعت تحت يد اليهود ويد المسلمين فعلى المسيحيين أن لا يعتبروها مقدسة بل هي مكان الإثم والرذيلة والشيطان والشرك، أيقبل المسيحي العاقل بهذا؟ مع أن فعل الرسول هو تكسير الأصنام وإزالتها والدعوة إلى نبذها وعبادة الله الواحد دون شرك، فهل يعتبر هذا دليل على عبادة اله القمر؟


5- وأما كثرة ذكر إبليس وحزبه والجن وغير ذلك مما لا يرى للبشر من مخلوقات، فهل سمعتم بان ذكر الشيطان بالذم يعني الاعتناء به ومحبته وعبادته؟ هذا أمر لا يحتاج إلا إلى ضحك على العقول التي تصدق هذا الكلام الخرافي. ثم ماذا سيقول هذا المسيحي بتعلق النصرانية بالأرواح والجن والشياطين ورسم صورها والاتصال بها وبراعة رجال الكنيسة بالسحر والصلة بالشيطان؟ فهل هذا عداوة مع الشيطان بينما تعوّذ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الشيطان يعني الارتباط به؟ فأين المنطق في هذه الأقوال، أنها أقوال خرافية لا تمت إلى الواقع والى المنطق السليم بصلة.

   فهذه خلاصة ما يقال في خلاصة أقوالهم والعاقل لا يفوته الكثير من التفاصيل في مناقشتهم

هناك تعليق واحد: